(وَيَعُمُّهُ) أي: يَعُمُّ الرَّسولَ -صلى الله عليه وسلم-: نحوُ قوله تعالى: ({يَاأَيُّهَا النَّاسُ) اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (١)، (و {يَاعِبَادِ) لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} (٢)، و {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}(٣) عندَ الأكثرِ؛ لصِدقِ ذلك عليه، فلا يَخرُجُ إلَّا بدليلٍ، ومَحَلُّه (حَيْثُ لَا قَرِينَةَ) تَنفي دخولَه، نحوُ: يا أيُّها الأُمَّةُ، فلا يَدخُلُ بلا خلافٍ، ومِثْلُه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}(٤)؛ لأنَّا مأمورونَ بالاستجابةِ.
(وَيَعُمُّ) نحوُ (٥): {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} موجودًا (غَائِبًا) وقتَ تبليغِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (وَمَعْدُومًا) حالةَ الخِطابِ (إِذَا وُجِدَ وَكُلِّفَ لُغَةً) أي: باللُّغةِ عندَ أصحابِنا وغيرِهم، فإذا بَلَغَ الغائبَ والمعدومَ بعدَ وجودِه تَعَلَّقَ به الحكمُ باللُّغةِ، ولأنَّا مأمورونَ بأمرِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فحَصَلَ ذلك إخبارًا عن أمْرِ اللهِ تعالى عندَ وجودِنا مُقتضى التَّصديقِ والتَّكذيبِ، وقيلَ: ليسَ خطابًا لمَن بعدَ المُواجهينَ، وإنَّما ثَبَتَ الحكمُ بدليلٍ آخَرَ منِ إجماعٍ أو نصٍّ أو قياسٍ. واسْتَدَلُّوا بأنَّه لا يُقالُ للمعدومينَ: يا أيُّها النَّاسُ.
وأجابوا عمَّا استدلَّ به الخَصمُ بأنَّه لو لم يَكُنِ المعدومونَ مُخاطَبين بذلك لم يَكُنِ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُرسَلًا إليهم بأنَّه لا يَتَعَيَّنُ الخطابُ الشِّفاهيُّ في الإرسالِ، بل مطلقُ الخطابِ كافٍ.
(١) البقرة: ٢٢. (٢) الزُّخرف: ٦٨. (٣) البقرة: ٢٧٨. (٤) الأنفال: ٢٤. (٥) ليست في «د».