(٣)(وَكَذَا خِطَابُهُ -صلى الله عليه وسلم- لِوَاحِدٍ مِنَ الأُمَّةِ) فإنَّه عامٌّ مطلقًا على الصَّحيحِ، فيَتَناوَلُ المُخاطَبَ وغيرَه، ولو اختصَّ به المُخاطَبُ لم يَكُنْ -صلى الله عليه وسلم- مَبعوثًا إلى الجميعِ، واسْتُدلَّ له برجوعِ الصَّحابةِ إلى التَّمسُّكِ بقضايا الأعيانِ، كقصَّةِ ماعزٍ (١)، ودِيَةِ الجَنينِ (٢)، والمُفوِّضةِ (٣)، وغيرِ ذلك، وأيضًا قولُه -صلى الله عليه وسلم- لأبي بُرْدَةَ:«تُجْزِئُكَ ولا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ»(٤)، فلولا أنَّ الإطلاقَ يَقتضي المُشاركةَ لم يَخُصَّ.
وقالَ أبو الخطَّابِ (٥): إنْ وَقَعَ جوابًا لسؤالٍ، كقولِ الأعرابيِّ: واقَعْتُ أهلي. فقال:«أَعْتِقْ»(٦)، كانَ عامًّا، وإلَّا فلا، كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»(٧) فلا يَدخُلُ فيه غيرُه.
تنبيهٌ: مَحَلُّ ذلك إذا لم يُخَصَّ ذلك الواحدُ فلا يَكُونُ غيرُه مِثْلَه في الحُكمِ، كحديثِ أبي بُردةَ بقولِه:«اذْبَحْهَا، وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»(٨).
(١) رواه البخاري (٦٨٢٤)، ومسلم (١٦٩٣) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-. (٢) رواه البخاري (٥٧٥٨)، ومسلم (١٦٨١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. (٣) رواه أبو داود (٢١١٤)، والترمذي (١١٤٥)، والنسائي (٣٣٥٤)، وابن ماجه (١٨٩١) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قصة بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ. قال الترمذي: حسن صحيح. قال في «المُطلع» (ص ٣٩٨): التفويض في النكاح: التزويج بلا مهر، فالمفوَّضة بفتح الواو أي: المفوض مهرها، ثم حذف المضاف، وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه، فارتفع واستتر. والمفوِّضة بكسرها: التي ردت أمر مهرها إلى وليها. (٤) رواه البخاري (٩٥٥)، ومسلم (١٩٦١). (٥) «التمهيد في أصول الفقه» (١/ ٢٧٦). (٦) رواه البخاري (١٩٣٦)، ومسلم (١١١١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. (٧) رواه البخاري (٦٦٤)، ومسلم (٤١٨) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. (٨) رواه البخاري (٩٥٥)، ومسلم (١٩٦١).