فإنَّ النَّهيَ يَدُلُّ على التَّحريمِ، فوُرودُ الأمرِ بعدَه يَكُونُ لرفعِ التَّحريمِ وهو المُتبادرُ، فالوجوبُ أو النَّدبُ زيادةٌ لا بدَّ لها مِن دليلٍ، والأصلُ عدمُ دليلٍ سِوى الحظرِ، والإجماعُ حادثٌ بعدَه -صلى الله عليه وسلم-، وأمَّا عندَ وجودِ القَرينةِ فيُحمَلُ على ما يُناسِبُ المقامَ بلا خلافٍ.
(٢)(أَوْ) أي: وكذا الحُكْمُ فيما إذا فَرَّعْنا على أنَّ الأمرَ المُجرَّدَ للوجوبِ، فوُجِدَ أمْرٌ بعدَ (اسْتِئْذَانٍ) فإنَّه لا يَقتضي الوُجوبَ، بلِ الإباحةَ، ذَكَرَه القاضي (١) مَحَلَّ وفاقٍ، وكذا ابنُ عَقِيلٍ (٢).
إذا عَلِمْتَ ذلك، فلا يَستقيمُ قولُ القاضي وابنِ عَقِيل لِما اسْتَدَلَّا على نقضِ الوضوءِ بلحمِ الإبلِ بالحديثِ الَّذِي في «صحيح (٦) مسلمٍ» لمَّا سُئِلَ عن التَّوَضُّؤِ مِن لحومِ الإبلِ، فقال:«نَعَمْ؛ تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ»(٧).
(١) «العُدة في أصول الفقه» (١/ ٢٥٨). (٢) «الواضح في أصول الفقه» (٢/ ٥٣٥). (٣) ينظر: «شرح الكوكب المنير» (٣/ ٦١)، و «التحبير شرح التحرير» (٢/ ٢٢٥٢). (٤) «القواعد والفوائد الأصولية» لابن اللحام (ص ٢٣٣). (٥) «المحصول» (١/ ١٥٩). (٦) في (د)، (ع): شرح. ولعله سبق قلم. (٧) رواه مسلم (٣٦٠) من حديث جابر بن سَمُرَةَ -رضي الله عنه-.