وتَأَوَّلَ مَن مَنَعَ الوقوعَ الأحاديثَ الواردةَ في سَهْوِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بأنَّه قَصَدَ بذلك التَّشريعَ، كما في حديثِ:«أُنَسَّى»(١) بالبناءِ للمفعولِ.
ومِنهم مَن يُعَبِّرُ في هذا بأنَّه تَعَمَّدَ ذلك ليقعَ النِّسيانُ فيه بالفعلِ، وهو خطأٌ؛ لتصريحِه -صلى الله عليه وسلم- بالنِّسيانِ في قوله:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي»(٢)، ولأنَّ الأفعالَ العَمْدِيَّةَ تُبْطِلُ الصَّلاةَ، والبيانُ كافٍ بالقولِ؛ فلا ضرورةَ إلى الفعلِ.
وذَكَرَ القاضي عِياضٌ (٣) وغيرُه الخلافَ في الأفعالِ، وأنَّه لا يَجُوزُ في الأقوالِ البلاغيَّةِ إجماعًا، ومَعناه لابنِ عَقِيلٍ في «الإرشاد»، فإنَّه قال: الأنبياءُ لم يُعصَمُوا مِن الأفعالِ، بل في نفسِ الأداءِ، فلا يَجُوزُ عليهم الكذبُ في الأقوالِ فيما يُؤَدُّونَه عنِ اللهِ، ولا فيما شَرَعَه مِن الأحكامِ، عمدًا ولا سهوًا ولا نسيانًا (٤). انتهى.
ثمَّ إذا قُلْنا: يَقَعُ ذلك مِنهم غلطًا ونسيانًا، فإذا وَقَعَ لم يُقَرَّ عليه إجماعًا، بل يُعْلَمُ به، قال الأكثرُ: على الفورِ.
(٢)(وَ) أمَّا (مَا لَا يُخِلُّ) بصِدقِه فيما دَلَّتِ المُعجزةُ على صِدقِه فيه:
- (فَـ) هو معصومٌ (مِنْ) وُقوعِ (كَبِيرَةٍ) عمدًا، إجماعًا،