الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال، وهو أن عبد الله بن عُكيم لم يسمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-. والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن عكيم. والاضطراب في سنده، فإنه تارة قال: عن كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وتارة عن مشيخة من جهينة، وتارة: عمن قرأ الكتاب، والاضطراب في المتن، فرواه الأكثر من غير تقييد، ومنهم من رواه بتقييد شهر أو شهرين، أو أربعين يوماً، أو ثلاثة أيام. والترجيح بالمعارضة بأن الأحاديث الدالة على الدباغة أصح. والقول بموجبه بأن الإهاب اسم للجلد قبل الدباغ لا بعده، حمله على ذلك ابن عبد البر والبيهقي، وهو منقول عن النضر بن شميل والجوهري قد جزم به. وقال الحازمي: وطريق الإنصاف فيه أن يقال: إن حديث ابن عُكيم ظاهر الدلالة في النسخ لو صح، ولكنه كثير الاضطراب، ثم لا يقاوم حديث ميمونة في الصحة. (١)
وقال ابن عبد البر: وَهَذَا اضْطِرَابٌ كَمَا تَرَى يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنِ الْعَمَلِ بِمِثْلِ هَذَا الْخَبَر. (٢)
قلت: فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابْن عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ فَمَاتَتْ فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ:«هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا». (٣)
ورواية الباب تتعارض في ظاهرها مع رواية الصحيحين هذه وقد ذهب العلماء إلي الجمع بينهما بأن رواية الباب ــــــ علي فرض صحتها ــــــ محمولة علي عدم الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ وأما رواية الصحيحين فمحمولة علي الانتفاع بجلد الميتة بعد الدباغ. (٤)(٥)