قلت: دلت رواية الباب أن الذي بشرهم بالجنة هو: زَيْد بن أَرْقَم. وفي رواية الصحيحين أنَّ الذي بشرهم بالجنة هو: أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِي. فذهب البيهقي إلي الجمع بين الروايتين علي فرض صحة رواية الباب فقال: عَبْد الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ ضَعِيف فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ حَفِظَ هَذَا فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ زَيْد بْن أَرْقَم إِلَيْهِمْ وَأَبُو مُوسَى لَمْ يُعْلِمْهُ فَقَعَدَ عَلَى الْبَابِ فَلَمَّا جَاءُوا رَاسَلَهُمْ عَلَى لِسَانِ أَبِي مُوسَى بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. (٢)
قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الرحمة والرضوان.
خامساً: التعليق علي الحديث:
قال النووي رحمه الله: فيه فضيلة هؤلاء الثلاثة وأنهم من أهل الجنة وفضيلة لأبي موسى. وفيه جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا أمنت عليه فتنة الإعجاب ونحوه. وفيه معجزة ظاهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لإخباره بقصة عثمان والبلوى وأن الثلاثة يستمرون على الإيمان والهدى. (٣)
وقال ابن حجر: قوله قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. فيه: وقوع التأويل في اليقظة وهو الذي يسمى الفراسة والمراد اجتماع الصاحبين مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدفن وانفراد عثمان عنهم في البقيع وليس المراد خصوص صورة الجلوس الواقعة. (٤)
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ب/ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا (٥/ ٨ رقم ٣٦٧٤)، ومسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهم- ب/ مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- (٤/ ١٨٦٨ رقم ٢٤٠٣). (٢) يُنظر "دلائل النبوة" للبيهقي ٦/ ٣٩١. (٣) يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٥/ ١٧٠. (٤) يُنظر "فتح الباري" ٧/ ٣٨.