الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح" والله أعلم.
خامساً: التعليق علي الحديث:
قال ابن حبان: قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: رُدُّوا السَّائِلَ: قَصْدُ زَجْرٍ بِلَفْظِ الْأَمْرِ يُرِيدُ بِهِ لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ إِلَّا بشيء ولو بظلف محرق. (١) وقال الزرقاني: قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم- وَلَوْ بِظِلْفٍ: بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَإِسْكَانِ اللَّامِ، وَهُوَ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ، وَلَوْ لِلتَّقْلِيلِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يُعْطَى، وَالْمَعْنَى: تَصَدَّقُوا بِمَا تَيَسَّرَ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَلَوْ بَلَغَ فِي الْقِلَّةِ الظِّلْفَ مَثَلًا، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ، وَقَالَ: مُحْرَقٍ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ يُلْقِيهِ آخِذُهُ، وَقَيَّدَ بِالْإِحْرَاقِ، أَيِ الشَّيْءِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُمْ فِيهِ لِأَنَّ النَّيِّئَ قَدْ لَا يُؤْخَذُ، وَقَدْ يَرْمِيهِ آخِذُهُ فَلَا يَنْتَفِعُ به بِخِلَافِ الْمَشْوِيِّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا تَتْمِيمٌ لِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي ظِلْفٍ كَقَوْلِهَا: كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ. يَعْنِي: لَا تَرُدُّوهُ رَدَّ حِرْمَانٍ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ أَنَّهُ ظِلْفٌ، فَهُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُبَالِغَةِ، وَلِلذَّهَابِ إِلَى أَنَّ الظِّلْفَ إِذْ ذَاكَ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَهُمْ بَعِيدٌ عَنْ الِاتِّجَاهِ. (٢)
(١) يُنظر "صحيح ابن حبان" ٨/ ١٦٨.(٢) يُنظر "شرح الموطأ" للزرقاني ٤/ ٤٥٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute