ورواه عَنْ ابْنِ عُمَرَ بهذا الوجه: نَافِع مولي ابن عمر. وتابع نَافِع علي هذا الوجه: سالِم بن عبد الله.
الوجه الثاني: عَبْد الله بْن عُمَر، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي.
ولم يروه عَنْ ابْنِ عُمَرَ بهذا الوجه إلا: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر.
قلت: ورواية أَبُو بَكْرِ بْنُ عمر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جد أبيه ابْنِ عُمَرَ منقطعة.
الوجه الثالث: عَبد الله بْن عُمَر، عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب.
ولم يروه عَنْ ابْنِ عُمَرَ بهذا الوجه إلا: سَعِيد بْن الْمُسَيِّب. قلت: فيه: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ: قال العقيلي، والأزدي: منكر الحديث، وقال ابن عبد البر: ضعيف.
وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:
١) أن نافع من أثبت الناس في ابن عمر.
٢) أن سالم بن عبد الله تابع نافع علي رواية هذا الوجه عن عبدالله بن عمر.
٣) أن الوجه الثاني: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي. فيه: أَبُو بَكْرِ بْنُ عمر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ لم يسمع من ابْنِ عُمَرَ فبينهما انقطاع. وكذلك الوجه الثالث: فيه: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ: ضعيف الحديث.
رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:
الحديث بإسناد الطبراني: "إسناده حسن" لأجل يَحْيَى بْن سُلَيْم، وعَبْد اللَّه بْن عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ: فصدوقان.
قلت: وللحديث شواهد في الصحيحين: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ. (١)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي. (٢)
وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الحسن إلي الصحيح لغيره، والله أعلم
خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:
قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو حَصِينٍ.
قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.
سادساً: التعليق علي الحديث:
قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. ذَكَرُوا فِي مَعْنَاهُ قَوْلَيْنِ
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ب/ فَضْلِ مَا بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ (١١٩٥). ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ (١٣٩٠).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ب/ فَضْلِ مَا بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ (١١٩٦). ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ (١٣٩١).