(قط أشدَّ مما غضب يومئذٍ)، وهو نعت لمصدرٍ محذوفٍ؛ أي: غضباً أشد (١).
وكأنَّ حكمة ما ظهر من الغضب: لإرادة الاهتمام لما يلقيه لأصحابه؛ ليكونوا من سماعه على بالٍ؛ لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله (٢).
وفي حديث جابرٍ الذي خرَّجه أبو يعلى: فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى عرف الغضب في وجهه (٣).
(فقال: يا أيها الناس! إنَّ منكم منفرين).
ولعل قصة أُبي هذه، بعد قصة معاذ، فلهذا أتى بصيغة الجمع، وفي قصة معاذ: واجهه بالخطاب بقوله له: "أفتان أنت يا معاذ؟ "(٤)، ولهذا ذكر في هذا الغضب، ولم يذكر في قصة معاذ:(فأيكم أَمَّ الناسَ، فليوجز)؛ أي: يخفف، يقال: كلامٌ وجيزٌ؛ أي: خفيفٌ مقتصد، كما في "النهاية"(٥).
وفي لفظٍ:"فليخفف"(٦)
قال ابن دقيق العيد: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون
(١) انظر: "النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٩٠). (٢) قاله أبو الفتح اليعمري، كما نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٢/ ١٩٩). (٣) تقدم تخريجه قريباً. (٤) رواه البخاري (٦٧٣)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: من شكا إمامه إذا طوَّل، ومسلم (٤٦٥)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في العشاء، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -. (٥) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ١٥٥). (٦) هو لفظ البخاري المتقدم تخريجه برقم (٩٠) عنده.