(فقالت) عائشة - رضي الله عنها - مجيبةً لها، ومتعجبةً مما سألتها:(أحروريةٌ أنت؟) استفهامٌ إنكاريٌّ، والحروريُّ منسوبٌ إلى حَرُورٍ -بفتح الحاء وضم الراء المهملتين، وبعد الواو الساكنة راءٌ أيضاً-: بلدةٌ على ميلين من الكوفة، والأشهر: أنها بالمد (١).
قال المبرِّد: النسبة إليها حروراوي، وكذا كل ما كان في آخره ألف تأنيثٍ ممدودةٍ، ولكن قيل: الحروري بحذف الزوائد (٢).
ويقال لمن يعتقد مذهبَ الخوارج: حروريٌّ؛ لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي - رضوان الله عليه - بالبلدةِ المذكورة، فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرقٌ كثيرةٌ، لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم: الأخذُ بما دلَّ عليه القرآن، وردُّ ما زاد عليه من الحديث مطلقًا؛ ولهذا استفهمت عائشةُ معاذةَ استفهامًا إنكاريا (٣).
(فقلت)؛ أي: فقالت لها معاذة: (لستُ بحروريةٍ). وفي لفظٍ: فقلت: لا (٤)؛ (ولكنـ[ـي] أسأل)؛ أي: سؤالًا مجردًا لطلب العلم، لا لتعنتٍ.
وفهمت عائشة - رضي الله عنها - طلبَ الدليل منها على ذلك.
(قالت) عائشةُ مجيبةً لمعاذةَ لمطلوبها: (كان يصيبنا ذلك)؛ أي: الحيضُ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فنؤمَرُ) -بالبناء للمفعول-؛ أي: يأمرنا
(١) انظر: "معجم البلدان" لياقوت (٢/ ٢٤٥). (٢) انظر: "الكامل" للمبرد (٣/ ١١٠١). (٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٤٢٢). (٤) ذكر هذ اللفظ الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١/ ٤٢٢) أن مسلمًا زاد في رواية عاصم، عن معاذة: فقلت: لا، ولكني أسأل، انتهى. والذي في "صحيح مسلم": قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل.