وفي "البخاري" عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع مائدته، قال:"الحمدُ لله كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه غيرَ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّع ولا مُسْتَغْنًى عنه"(١).
وفي رواية: كان إذا فرغ من طعامه قال: "الحمدُ لله الذي كفانا وآوانا غيرَ مَكْفِيٍّ ولا مكفورٍ رَبّنا"(٢).
ومكفي -بفتح الميم وتشديد الياء- هذه الرواية الصحيحة الفصيحة.
ورواه أكثر الرواة بالهمز.
وقال النووي: وهو فاسد من جهة العربية، سواء كان من الكفاية، أو كَفَأْتُ الإناءَ، كما لا يقال في مَرْميّ: مرميء -بالهمز-.
قال في "المطالع": المرادُ بهذا المذكور كلِّه: الطعام، وإليه يعود الضمير، ومعنى غير مكفورٍ؛ أي: غير مجحودةٍ نعمُ الله تعالى، بل مشكورة غيرُ مستورٍ الاعترافُ بها، والحمدُ لله عليها (٣).
وقال الخطابي: المرادُ بهذا الدعاء كلِّه: الباري -سبحانه وتعالى-، والضمير يعود إليه، ومعنى قوله:"غير مكفي": أنه يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، وقوله:"ولا مُوَدَّع": أي: غير متروكٍ الطلبُ منه والرغبةُ إليه (٤)، وينتصب
= الأطعمة، باب: ما يقول الرجل إذا طعم، والترمذي (٣٤٥٧)، كتاب: الدعوات، باب: ما يقول إذا فرغ من الطعام، وابن ماجه (٣٢٨٣)، كتاب: الأطعمة، باب: ما يقال إذا فرغ من الطعام. (١) رواه البخاري (٥١٤٢)، كتاب: الأطعمة، باب: ما يقول إذا فرغ من طعامه. (٢) رواه البخاري (٥١٤٢)، كتاب: الأطعمة، باب: ما يقول إذا فرغ من طعامه. (٣) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٤٥). (٤) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٤/ ٢٦١).