فاعله ونائب الفاعل يعود للنبي - صلى الله عليه وسلم - (فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده) عن الضب كما في رواية يونس (١)، فيؤخذ منه أنه أكل من غير الضب مما كان قُدّم له مع الضب، وقد جاء صريحًا في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس: فأكل الأقط، وشرب اللبن (٢).
قال ابن عباس، أو قال خالد -على الاختلاف-، والأولُ أظهر:(فقلتُ: أحرامٌ هوَ)؛ أي: الضبُّ (يا رسول الله؟ قال: لا)، بل هو مباح، وليس بحرام، (ولكنه لم يكن) الضبُّ (بأرض قومي)، وفي رواية:"هذا اللحم لم آكله قط"(٣).
قال ابن العربي: اعترض بعض الناس على هذه اللفظة -يعني: لم يكن بأرض قومي-، فالضباب كثيرة بأرض الحجاز.
قال ابن العربي: فإن كان أراد تكذيبَ الخبر، فقد كذبَ هو، فإنه ليس بأرض الحجاز منها شيء، أو أنها ذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغير اسمها، أو حدثت بعد ذلك (٤).
وكذا أنكر ابنُ عبد البر ومن تبعه أن يكون بأرض الحجاز شيء من الضباب (٥).
قال في "الفتح": ولا يحتاج إلى شيء من هذا، بل المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٥٠٧٦). (٢) رواه البخاري (٥٠٨٧)، كتاب: الأطعمة، باب: الأقط، لكن بلفظ: "وشرب اللبن، وأكل الأقط". (٣) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٩٤٨). (٤) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (٧/ ٢٩٠). (٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٤٩١).