قال الزركشي: هو مختار أصحابه، متقدِّمِهم ومتأخِّرِهم (٢)، وجزم به في "الوجيز"، وغيره، وقدمه في "الفروع"(٣)، وغيره. وعنه: ثلاثٌ يحرِّمْنَ (٤).
وبه قال إسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، وداود وأتباعُه إلاّ ابنَ حزم، وحجتُهم مفهومُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرم الرضعة والرضعتان"(٥)، فإن مفهومه: أن الثلاث تحرِّم، وأغرب القرطبيُّ فزعم أنه لم يقل به إلا داودُ (٦)، وتقدمت الأحاديث الصحيحة الصريحة باعتبار الخمس.
وقال أبو حنيفة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، ورواية مشهورة عن أحمد: يثبت حكم الرضاع برضعة واحدة، واحتجّ أبو حنيفة بإطلاق قوله -تعالى-: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] ولم يذكر عددًا، والتقييد به زيادة، وهو نسخ، قاله العيني (٧)، وفيه نظر لا يخفى، وحديث الخمس جاء من طرق صحيحة لا يسوغ ردّها، والسنّة تبين المجمل من كتاب الله -تعالى-، وتقيد المطلق منه، والله -تعالى- أعلم.