وأخرج الطبري عن طريق الشعبي مرسلًا، قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}[النور: ٦]، الآية، قال: عاصمُ بنُ عَدِيّ: إن أنا رأيتُ فتكلمتُ، جُلدت، وإن سكتُّ، سكتُّ على غيظ، الحديث (١).
ولا مانع من تعدد القصص واتحاد النزول.
وقد روى البزار من حديث حذيفة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر:"لو رأيت مع أمّ رومان رجلًا، ما كنت فاعلًا به؟ "، [قال: كنت فاعلًا به](٢) شرًا، قال:"فأنت يا عمر؟ "، قال: كنت أقول: لعن الله الأبعدَ، قال: فنزلت (٣).
ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال، فلما جاء عويمر، ولم يكن علمَ بما وقع لهلال، أعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحكم، ولهذا قال في قصة هلال: فنزل جبريل، وفي قصة عويمر:"قد أنزل الله فيك"؛ أي: وفيمن كان قبلك، وبهذا أجاب ابن الصباغ في "الشامل"، قال: أنزلت الآية في هلال، وأما قوله لعويمر: قد نزل فيك وفي صاحبتك، فمعناه ما نزل في قصة هلال، ويؤيده ما في حديث أنس: أولُ لعان كان في الإسلام: أن شريكَ بن سحماء قذفه هلالُ بنُ أمية بامرأته، الحديث (٤).
وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين، قال: وهذه الاحتمالات -وإن بعدت- أولى من تغليط الرواة الحفاظ (٥).
(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٨٤). (٢) ما بين معكوفين ساقطة من "ب". (٣) رواه البزار في "مسنده" (٢٩٤٠). (٤) تقدم تخريجه عند النسائي. (٥) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ٣٠٠).