ذلك، فإنه محرم، ثم أَرشده - صلى الله عليه وسلم - إلى فعل ما يحل، ولا محظور فيه، فقال:(ولكن إذا أردتَ أن تشتريَ) تمرًا جيدًا، (فبعِ التمرَ) الرديء (بِبَيْعٍ آخرَ)؛ أي: بثمن معلوم، (ثم اشترِ به)؛ أي: بالثمن الذي بعتَه تمرًا جيدًا، وقد حصل المقصود، وخلصت من إثم الربا.
وفي لفظ آخر عندهما من حديثٌ أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: أُتي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بتمر، فقال:"ما هذا التمر من تمرنا"، فقال الرجل: يارسول الله! بعنا تمرنا صاعين بصاع من هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا الربا، فردوه، ثم بيعوا تمرنا، فاشتروا لنا من هذا"(١).
وعنه: قال: كنا نُرزق تمرَ الجمع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الخلطُ من التمر، فكنّا نبيع صاعين بصاع، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"لا"(٢)، وفي لفظ:"بع الجمعَ بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنيبًا"(٣)، والجنيبُ: تمر جيد.
وفي "المطالع": التمر الجنيب: قال مالك: الكَيِّسُ، وقال غيره: هو كلُّ تمر ليس بمختلط، خلاف الجَمْع، وقال الطحاوي، وابن السكن: هو الطيب (٤).
(١) قلت: هو لفظ مسلم فقط، وقد تقدم تخريجه عنده برقم (١٥٩٤/ ٩٧). (٢) رواه البخاري (١٩٧٤)، كتاب: البيوع، باب: بيع الخلط من التمر. (٣) رواه البخاري (٢٠٨٩)، كتاب: البيوع، باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه، ومسلم (١٥٩٣)، كتاب: المساقاة، باب: بيع الطعام مثلًا بمثل، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما -. (٤) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١٥٥).