بمنزلة عين أتلفها، فيجب عليه [قيمتها](١)، ومن العلماء من عَدَّاه إلى سائر الأقوات، ومنهم من خصه بغالب قوت البلد، وأما حديث:"فإن ردَّها، ردَّ معها مثلَ -أو مثلي- لبنها قمحًا" رواه أبو داود (٢)، فلا يقاوم اختصاص كون المردود تمرًا.
قال الشيرازي -من علمائنا-: الواجبُ أحدُ شيئين: صاع من تمر، أو من قمح.
قال الزركشي في "شرح الخرقي": وهو مصادم للنص، يعني: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سمراء"؛ لأنها القمح، فالصواب الاقتصار على الوارد، وهو مذهب الشافعي أيضًا (٣).
* الثاني: لم يقل أبو حنيفة بهذا الحديث، وكذا روي عن مالك القول بعدم مقتضاه، وقال: لأنه حديث مخالف لقياس الأصول المعلومة، لوجوه، منها:
- الأول: أن المعلوم من الأصول أن ضمان المثليات بالمثل، وضمان المتقومات بالقيمة من النقدين، وهنا مع كون اللبن مثليًا وقع مضمونًا بالتمر، فهو خارج عن الأصلين جميعًا.
- الثاني: أنَّ القواعد الكلية تقتضي أن يكون المضمون بقدر التالف،
(١) انظر: "منتهى الإرادات" للفتوحي (٢/ ٣٠٨)، و"شرح المنتهى" للبهوتي (٣/ ٢٠٠ - ٢٠١). (٢) رواه أبو داود (٣٤٤٦)، كتاب: الإجارة، باب: من اشترى مصراة فكرهها، وابن ماجه (٢٢٤٠)، كتاب: التجارات، باب: بيع المصراة، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. (٣) انظر "شرح الزركشي على الخرقي" (٣/ ٥٦٢).