لنزلْتُ حتى أَضَع الحَبْلَ على هَذِه" -يعني: عاتقه-. رواه البخاري من حديث ابن عباس (١).
وفي أفراد مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه -: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بني عبدِ المطلب وهم يسقون على زمزم، فقال: "انْزِعوا بَني عبدِ المطلبِ، فلولا أنْ يَغْلِبَكُمُ الناسُ على سِقايتِكم، لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ" (٢).
الرابع: المرادُ بسقاية العباس - رضي الله عنه - في الحديث المذكور: زمزم، فإنهم كانوا ينبذون الزبيبَ في ماء زمزم، ويسقونه الحجاج، وكان الذي وليَ ذلك العباس بن عبد المطلب بعد أبيه في الجاهلية، فأقرها النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - له في الإسلام، فهي حقٌّ لآلِ العباس أبدًا (٣).
تتمة: في الكلام على زمزم، وفيها مقاصد:
الأول: زمزم -بفتح الزايين وسكون الميم الأولى-، سميت بذلك لكثرة مائها، والماء الزمزمُ: هو الكثير، وقيل: لزمِّ هاجرَ ماءها حين انفجرت، وقيل: لزمزمةِ جبريلِ، وكلامِه (٤).
قال ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن": سميت بزمزم؛ لأن الماء لمَّا فاضَ، زَمَّتْهُ هاجر، قال ابن فارس اللغوي: وزمزم من قولك: زممتُ الناقةَ: إذا جعلتَ لها زمامًا تحبسها به، انتهى (٥).
(١) رواه البخاري (١٥٥٤)، كتاب: الحج، باب: سقاية الحاج. (٢) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٢١٨)، في حديث جابر - رضي الله عنه - الطويل. وانظر: "مثير العزم الساكن" لابن الجوزي (ص: ١٧٩ - ١٨٠). (٣) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١٧٩). (٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٨/ ١٩٤). (٥) انظر: "مثير العزم السكن" لابن الجوزي (ص: ١٧٧).