(عن) أبي عبدِ الرحمنِ (عبدِ اللَّه بنِ) أميرِ المؤمنين (عمرَ) بنِ الخطاب (-رضي اللَّه عنهما-)، قال:(إن تلبية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-).
اعلم أن التليبةَ مصدر لَبَّى تلبيةً؛ كزكَّى تزكيةً، وهو بغير همز على الأصل.
ولَبَّأ -بالهمز- لغة، والتلبيةُ: قولك لمن دعاك: لَبَّيْكَ، وفي الحج قولك:(لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ)، وهو اسم مثنى عند سيبويه وجماعة (١)؛ بقلب ألفه ياء مع المظهر، وليست تثنية حقيقة، بل هو من المثناة لفظًا، ومعناها التكثيرُ والمبالغة؛ كما في قوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة: ٦٤]؛ أي: نعمتاه عند من أَوَّلَ اليدَ بالنعمة؛ إذ نعمه تعالى لا تحصى.
وقال يونس بن حبيب النحويُّ: ليس بمثنى، إنما هو اسم مفرد، وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير؛ كَلَدَيَّ وعَلَيَّ (٢)، نقول عند اتصالها بالضمير: لَدَيْكَ، وعَلَيْكَ. انتهى.
وهو منصوب على المصدر بعامل مضمَرٍ؛ أي: أجيبُ إجابة بعدَ إجابة إلى ما لا نهايةَ له (٣).
وقال في "المطلع": حكى أبو عُبيد عن الخليل: أن أصل التلبية:
= (٣/ ١١٤)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (٥/ ٥٢). (١) انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ١٦٨). (٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ١١٤)، نقلًا عن "طرح الثثريب" للعراقي (٥/ ٨٩ - ٩٠). (٣) انظر: "طرح التثريب" للعراقي (٥/ ٩٠)، و"فتح الباري" لابن حجر (٣/ ٤٠٩).