يهابونه، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وكان خيراً جواداً، لا يقتني شيئاً من الأمتعة والأسباب الدنيوية سوى كتب العلم، فإنه كان حريصاً على جمعها، ويقول دائماً: أنا فقير من الكتب العلمية، وكان كل ما يدخل إلى يده من الدنيا ينفقه، وعاش مدة عمره في بلده عزيزاً موقراً محتشماً (١).
ومن تواضعه - رحمه الله - ما قاله عن نفسه لما استجازه الشيخُ عبدُ القادر بنُ خليل، فقال:"ولو رأى من استجازه وحقق حلاه، لقال: تسمعَ بالمعيديِّ خيرٌ من أن تراه، ولو استنصحني عن نفسي، واستفسرني عن رأيي وحدسي، لقلت له عن حالي: لقد استسمَنْتَ ذا ورم، ونَفَخْتْ من غير ذي ضَرَم .. ، بضاعتي مُزجاة، وصناعتي مقلاة، ما حل من التضلع من معادن العلوم الدقيقة"(٢).
ومن عجيب ما جرى للإمام السفاريني - رحمه الله - مما يدل على حسن أدبه وتواضعه، ما ساقه في "إجازته للزبيدي"، فقال: ومن مشايخي الذين أخذتُ عنهم: الشيخُ موسى المحاسني ... ، ولكني لم أستجزه، لأمر حدث منه، وهو أن بعض الوُشاة أنهى إليه أني سُئلت: من أفضل: الشيخ المنيني، أو الشيخ المحاسني؟ فزعم الواشون أني فضَّلتُ المنيني عليه، فكتب لي بهذه الأبيات:[من الكامل]
لا تَزْدَرِ العلماءَ بالأشعارِ ... وتَحُطَّ قَدراً من أُولي المِقْدارِ