قال في "شرح المقنع": يستحب الإسراع بالجنازة، لا نعلم فيه خلافًا بين الأئمة؛ للحديث، قال: واختلفوا في الإسراع المستحب: فقال القاضي: هو إسراع لا يخرج عن المشي المعتاد، وهو قول الشافعي.
وقال أصحاب الرأي: يخب ويرمل؛ لما روي عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: كنا في جنازة عثمان بن أبي العاص، وكنا نمشي مشيًا خفيفًا، فلحقنا أَبو بكرة، فرفع سوطه فقال: لقد رأيتنا مع رسول اللَّه نرمل رملًا (١).
ولنا: ما روى الإمام أحمد من حديث أبي سعيد: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مر عليه بجنازة تمخض مخضًا، فقال:"عليكم بالقصد في جنائزكم"(٢)، ولأن الإسراف في الإسراع يمخضها، ويؤذي حاملها ومتبعها، ولا يؤمن على الميت.
وقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في جنازة ميمونة: لا تزلزلوا، وارفقوا؛ فإنها أمكم (٣).
(١) رواه أَبو داود (٣١٨٣)، كتاب: الجنائز، باب: الإسراع بالجنازة، والنسائي (١٩١٢)، كتاب: الجنائز، باب: السرعة بالجنازة. (٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٤٠٦)، لكن من حديث أبي موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه- بلفظ قال فيه: مرت برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جنازة تمخض مخض الزق، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم القصد". (٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٨/ ١٤٠). وقد رواه البخاري (٤٧٨٠)، كتاب: النكاح، باب: كثرة النساء، ومسلم (١٤٦٥)، كتاب: الرضاع، باب: جواز هبتها نوبتها لضرتها، بلفظ: هذه زوجة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا رفعتم نعشها، فلا تزعزعوها، ولا تزلزلوها، وارفقوا. . .، الحديث. وانظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٢/ ٣٥٩ - ٣٦٠).