كانت مختصة بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بدليل قوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ}.
قال: وما قاله غير صحيح؛ لأن ما ثبت في حق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثبت في حقنا، ما لم يقم دليل على اختصاصه به؛ لأنه تعالى أمرنا باتباعه، وقد غضب لقول من قال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: لست مثلنا (١)، وقد كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحتجون بأفعاله، ويرونها معارضة لقوله، وناسخة له.
وأيضًا، فقول أبي يوسف مسبوق بإجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم-؛ فقد صلى عليٌّ -رضي اللَّه عنه- صلاة الخوف ليلة الهرير بصفين، وصلاها أبو موسى الأشعري بأصحابه، وروي: أن سعيد بن العاص لما كان بطبرستان، سأل الصحابة: أيكم صلى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فقدمه، فصلى بهم (٢).
ولأن المقتضي لها زمن الرسول موجود بعده، والمخالفة لمعتاد الصلاة لأجل الضرورة، وهي موجودة بعد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما هي موجودة في زمانه، ثم الضرورة تدعو إلى ألا يخرج وقت الصلاة عن آدابها، وذلك يقتضي إقامتها على خلاف المعتاد في زمن الرسول وبعده، فكيف، وقد ثبت فعلها بعده -عليه الصلاة والسلام- من غير نكير؟! واللَّه الموفق (٣).
* * *
(١) رواه مسلم (١١١٠)، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-. (٢) رواه أبو داود (١٢٤٦)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ولا يقضون، والنسائي (١٥٢٩)، كتاب: صلاة الخوف، وغيرهما، عن ثعلبة بن زهدم. وانظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر المقدسي (٢/ ١٢٥ - ١٢٦). (٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٥١).