فإن قيل: إنما بطلت جمعته؛ لأن من شرطها الإمام، وقد عُدِم، وليس من شرط هذا الإمام.
قيل: لا فرق بينهما؛ لأن من شرط الجماعة إمام، وإذا عدم الإمام، بطلت الجماعة، وعلى أنه قد تصح الجمعة بغير إمام، وهو إذا كان مسبوقًا، فسلَّم إمامه، فإنه يتمها منفردًا.
واحتج المخالف: بما روى الشافعي (١)، وأبو داود (٢) - رحمهما الله - بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار إلى الناس: أن امكثوا، ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - وعلى جلده أثرُ الماء (٣)، ورُوي: ثم رجع وقد اغتسل (٢).
(١) في مسنده في كتاب: الإمامة، رقم (١٨٩ و ١٩٠). (٢) في سننه، كتاب: الطهارة، باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ، رقم (٢٣٤). (٣) أخرجه البخاري في كتاب: الغسل، وكتاب: الأذان، باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب، وباب: هل يخرج من المسجد لعلة؟ رقم (٢٧٥ و ٦٣٩)، ومسلم في كتاب: المساجد، باب: متى يقوم الناس للصلاة؟ رقم (٦٠٥)، وليس فيه أنه بدأ في الصلاة كما أشار إليه ابن نصر المروزي في كتابه اختلاف الفقهاء ص ١٨١، قال ابن حجر: (ويمكن الجمع بينهما يحمل قوله: "كبر" على: أراد أن يكبر، أو بأنهما واقعتان، أبداه عياض، والقرطبي احتمالًا، وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته، فإن ثبت، وإلا، فما في الصحيح أصح). ينظر الفتح (٢/ ١٦٠).