شاء، وقد قال أحمد - رحمه الله - (١): إن كان على بعد؛ بحيث لا يسمع قراءته، قرأ، وإن كان بحيث يسمع، لم يقرأ.
فالحكم في سماع الخطبة، وقراءة الإمام سواء.
احتج: بأن خطبة العيد لا يجب الإنصات فيها، كذلك خطبة الجمعة.
والجواب: أنه قد اختلفت الرواية في خطبة العيد، فروى حنبل: أنه قال (٢): إذا خطب يوم العيد، أنصت إذا سمع الخطبة، فإذا لم يسمع، يرد السلام. وهذا يدل على الإنصات، وروى حمدان بن علي عنه: أنه قال (٣): يتكلم والإمام يخطب يوم العيد، ليس هو مثل الجمعة؛ فقد فرق بينهما، وكأنّ المعنى فيه: أن الخطبة للجمعة قائمة مقام الركعتين، فجاز أن يحرم الكلام، وهذا معدوم في خطبة العيد.
* فصل:
والدلالة على جواز الكلام للخاطب: ما روى أبو بكر النجاد بإسناده عن جابر - رضي الله عنه - قال: دخل النعمان بن قوقل ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا نعمان! صلِّ ركعتين، تجوَّزْ فيهما، وإذا
(١) ينظر: ص ٢١٤، ٢١٥. (٢) لم أقف على رواية حنبل، وقد نقل مثلها عبد الله في مسائله رقم (٦٢٦). (٣) لم أقف على روايته، وينظر: مختصر ابن تميم (٣/ ١٦)، والشرح الكبير (٥/ ٣٥٧)، والإنصاف (٥/ ٣٥٢)، وتصحيح الفروع (٣/ ٢٠٤).