السالك طالبا السّبع سقايات بالقرب من كنيسة الحمراء. وكان بعضه بستانا يعرف ببستان المحلّي، وهو الذي في غربيّ الخليج (١).
وكان بستان جنان الحارة بجوار بركة قارون، وينتهي إلى حوض الدّمياطي الموجود الآن على يمنة من سلك من خطّ السّبع سقايات إلى قنطرة السّدّ. فاستولى عليه الأمير آقبغا عبد الواحد - أستادّار الملك النّاصر محمد بن قلاوون - وأذن للنّاس في تحكيره. فحكر وبني فيه عدّة مساكن، وإلى يومنا هذا يجبى حكره ويصرف في مصارف المدرسة الآقبغاوية المجاورة للجامع الأزهر بالقاهرة (٢).
وأوّل من عمّر في حكر آقبغا هذا أستادّار الأمير جنكلي (a) بن البابا (٣)، فتبعه النّاس. وفي موضع هذا الحكر كانت كنيسة الحمراء التي هدمها العامّة في أيام الملك النّاصر محمد بن قلاوون، كما ذكر عند ذكر الكنائس من هذا الكتاب (٤)، وهي اليوم زاوية تعرف بزاوية الشّيخ يوسف العجمي، وقد ذكرت في الزّوايا أيضا. وهذا الحكر لمّا بنى النّاس فيه عرف بالأرد (b) ولكثرة من سكن فيه من التّتر والوافديّة من أصحاب الأمير جنكلي (a) بن البابا.
وعمّر تجاه هذا الحكر الأمير جنكلي (a) حمّامين هما هنالك إلى اليوم، وانتشأ بعمارة هذا الحكر بظاهره سوق وجامع، وعمّر ما على البركة أيضا، واتّصلت العمارة منه في الجانبين إلى مدينة مصر. واتّصلت به عمائر أيضا ظاهر القاهرة، بعد ما كان موضع هذا الحكر مخوفا يقطع فيه الزّعّار الطّريق على المارّة من القاهرة إلى مصر، وكان والي مصر يحتاج إلى أن يركز جماعة من أعوانه بهذا المكان لحفظ من يمرّ من المفسدين. فصار لما حكر كأنّه مدينة كبيرة، وهو إلى الآن عامر، وأكثر من يسكنه الأمراء والأجناد.
وهذا الحكر كان يعرف قديما بالحمراء الدّنيا - وقد ذكر خبر الحمراوات الثّلاث عند ذكر خطط مدينة فسطاط مصر من هذا الكتاب (٥) - وفي هذا الحكر أيضا كانت قنطرة عبد العزيز ابن
(a) بولاق: جنكل. (b) بولاق: الأدر. (استدراكات محمد رمزي على النجوم الزاهرة ٣٨٧: ٧، أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٩٦: ٩ هـ ١). (١) ابن دقماق: الانتصار ١٢١: ٤، أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٩٦: ٩. (٢) المقريزي: مسودة الخطط ٦١ و؛ وعن المدرسة الآقبغاوية انظر فيما يلي ٣٨٣: ٢ - ٣٨٤. (٣) انظر عن الأمير جنكلي بن البابا، فيما يلي ٤٤٧. (٤) فيما يلي ٥١٢: ٢ - ٥١٧. (٥) فيما تقدم ٣٨: ٢ - ٣٩.