قلتُ: وقال الحافظ ابن حجر - بعد أن ذكر الحديث من حديث بُريدة، وابن عبَّاس، وجابر بن سَمُرة-: وفي كُلٍّ من الأسانيد الثلاثة مقال، وقد أخذ أكثر الفقهاء بما دلَّت عليه هذه الأحاديث. (١)
- ويشهد له أيضًا ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المُصنَّف"(٥٥٩١)، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا المُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَطْعَمَ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ، وَيُؤَخِّرَ الطَّعَامَ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ».
قلتُ: ورجاله ثِقَاتٌ، وهو من مراسيل عامر الشَّعبي، قال العجلي: ومُرسَل الشّعبي صحيح، لا يكاد يُرسل إلا صحيحًا. وقال أبو داود: مُرسَلُ الشّعبي أحبُّ إليَّ من مُرسل النَّخْعي. (٢)
وعليه فحديث بُريدة الأسلمي يرتقي بطرقه وشواهده من "الضعيف" إلى "الحسن لغيره".
تنبيهٌ: ذكر البخاري في "صحيحه" في ك/العيدين؛ ترجمتين؛ الأولى: باب/الأكل يوم الفِطر قبل الخروج، وأخرج فيه حديث أنس السَّابق ذكره (٣)، ثم ترجم بعده بقوله باب/الأكل يوم النَّحر، وأخرج فيه بسنده حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -، قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:«مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا نُسُكَ لَهُ»، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ - خَالُ البَرَاءِ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلَاةَ، قَالَ:«شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ، أَفَتَجْزِي عَنِّي؟ قَالَ:«نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»(٤).