خامسًا: - التعليق على الحديث:
قال ابن عبد البر: وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ - عز وجل - غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَجْمَعُونَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَوْ كَانَ كَلَامُ اللَّهِ أَوْ كَلِمَاتُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدًا أَنْ يَسْتَعِيذَ بِمَخْلُوقٍ؛ دَلِيله قَوْلُ اللَّهِ - عز وجل - {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} (١).
وَفِيهِ إِبَاحَةُ الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ، أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْمُعَالَجَةِ، وَالتَّطَبُّبِ، وَالرُّقَى. (٢)
وقال ابن القيم: اعْلَمْ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ الطَّبِيعِيَّةَ الْإِلَهِيَّةَ تَنْفَعُ مِنَ الدَّاءِ بَعْدَ حُصُولِهِ، وَتَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ، وَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ وُقُوعًا مُضِرًّا، وَإِنْ كَانَ مُؤْذِيًا، وَالْأَدْوِيَةُ الطَّبِيعِيَّةُ إِنَّمَا تَنْفَعُ، بَعْدَ حُصُولِ الدَّاءِ، فَالتَّعَوُّذَاتُ وَالْأَذْكَارُ، إِمَّا أَنْ تَمْنَعَ وُقُوعَ هَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَإِمَّا أَنْ تَحُولَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَمَالِ تَأْثِيرِهَا بِحَسَبِ كَمَالِ التَّعَوُّذِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ، فَالرُّقَى وَالْعُوَذُ تُسْتَعْمَلُ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَلِإِزَالَةِ الْمَرَضِ. (٣)
* * *
(١) سورة "الجن"، آية رقم (٦).(٢) يُنظر: "التمهيد" (٢١/ ٢٤١).(٣) يُنظر: "زاد المعاد" (٤/ ١٦٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute