[١٧٩/ ٥٧٩]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: نا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: … نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ، طَعَنَهُ طَعْنَتَيْنِ، فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّ لَهُ ذَنْبًا (١) إلى النَّاسِ لا يَعْلَمُهُ.
فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ - وَكَانَ يُحِبُّهُ، ويُدْنِيهِ، ويَسْتَمِعُ مِنْهُ -، فَقَالَ لَهُ: أُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ عَنْ مَلأٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ هَذَا؟
فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَجَعَلَ لا يَمُرُّ بِمَلإٍ مِنَ النَّاسِ إلا وَهُمْ يَبْكُونَ.
فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: مَا أَتَيْتُ عَلَى مَلإٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إلا وَهُمْ يَبْكُونَ، كَأَنَّمَا فَقَدُوا الْيَوْمَ … أبكارَ (٢) أَوْلادِهِمْ.
فَقَالَ: مَنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ الْبِشْرَ فِي وَجْهِهِ. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَبْتَلِنِي بِقَوْلِ أَحَدٍ يُحَاجُّنِي بِقَوْلِ: لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَمَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَجْلِبُوا إِلَيْنَا مِنَ الْعُلُوجِ (٣) أَحَدًا، فَعَصَيتُمُونِي. ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي إِخْوَانِي.
قَالُوا: وَمَنْ؟ قَالَ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حَجْرِي، فَلَمَّا جَاءُوا، قُلْتُ: هَؤُلاءِ قَدْ حَضَرُوا.
فَقَالَ: نَعَمْ، نَظَرْتُ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدْتُكُمْ أَيُّهَا السِّتَّةُ رُءُوسَ النَّاسِ، وَقَادَتَهُمْ، ولا يَكُونُ هَذَا الأَمْرُ إلا فِيكُمْ مَا اسْتَقَمْتُمْ يَسْتَقِيمُ أَمْرُ النَّاسِ، وَإِنْ يَكُنِ اخْتِلافٌ يَكُنْ فِيكُمْ.
فَلَمَّا سَمِعْتُ ذِكْرَ الاخْتِلافِ، وَالشِّقَاقِ ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَائِنٌ، لأَنَّهُ قَلَّ مَا قَالَ شَيْئًا إلا رَأَيْتُهُ، ثُمَّ نَزَفَ الدَّمَ، فَهَمَسُوا بَيْنَهُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلاً مِنْهُمْ.
فَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيٌّ بَعْدُ، ولا يَكُونُ خَلِيفَتَانِ يَنْظُرُ أَحَدُهُمَا إِلَى الآخَرِ.
فَقَالَ: احْمِلُونِي، فَحَمَلْنَاهُ، فَقَالَ: تَشَاوِرُوا ثَلاثًا، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ.
(١) في الأصل "ذنبٌ".
(٢) في الأصل "أبكارًا"، والتصويب مِنْ "مجمع البحرين" حديث رقم (٣٦٧٣).
(٣) العِلْج: الرَّجُلَ مِنْ كُفار العَجم، وَغَيْرِهِمْ، والأَعْلَاج: جَمْعه، ويُجْمَع عَلَى عُلُوج أَيْضًا. يُنظر: "النهاية" (٣/ ٢٨٦).