- وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوْسط"، و"الصغير"، وفيه بقيَّة بن الوليد وقد عنعنه. (١)
_ قلتُ: بينما رمز له السيوطي في "الجامع الصغير" بالحُسْنِ. (٢) وقال المُنَاوي في "التيسير": إسناده حَسَنٌ. (٣) وقال الألباني في "صحيح الجامع": صَحيحٌ. (٤)
[شواهد للحديث]
قلتُ: ومما سبق بيانه يتضح أنَّ الحديث ليس بحسن، فالحديث تفرَّد به بقية، وقد عنعنه، لكن لعلَّ مَن حسَّنه أو صححه إنما بشواهده، وهي كالآتي:
- أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيْهما" من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: … «لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي» - قَالَ: وَقَالَ أَبِي: - «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ». (٥)
- وقال مالك: عن سُمِيّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، أنَّ القعقاع بن حكيم، وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيدٍ بن المسيب يسألاه: كيف تغتسل المستحاضة؟ فقال: تغتسل من طهرٍ إلى طهرٍ وتتوضأ لكل صلاة، فإن غلبها الدم استنفرت. قال مالك: والأمر عندنا على حديث هشام، عن أبيه، وهو أحبُّ ما سمعتُ. (٦) رابعًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:
قال المصنف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن الأَوْزَاعِيِّ، إلا سلمةُ بن كُلْثُومٍ، تَفَرَّدَ به: بَقِيَّةُ.
قلتُ: ومِنْ خلال ما سبق يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -.
والحديث أخرجه ابن عدي في "الكامل" - كما سبق في التخريج -، مِنْ طريق كثير بن عُبيد، عن بَقِيَّة بن الوليد، عن مُقاتل بن سُلَيْمَان، عن عَمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، بنحوه.
خامسًا:- التعليق على الحديث:
يُعتبر باب الحيْض من أشْكل أبواب الفقه، ومن أشْكَل ما في هذا الباب مسألة المستحاضة؛ قال الإمام النووي في "المجموع": اعْلَمْ أَنَّ بَابَ الحَيْضِ مِنْ عَوِيصِ الأَبْوَابِ وَمِمَّا غَلطَ فيه كَثِيرُونَ مِنْ الكِبَارِ لِدِقَّةِ
(١) يُنظر: "مجمع الزوائد" (١/ ٢٨١).
(٢) يُنظر: "الجامع الصغير" (٩١٩٩).
(٣) يُنظر: "التَيْسير شرح الجامع الصغير" (٢/ ٤٥٦).
(٤) يُنظر: "الجامع الصحيح" (٦٦٩٩).
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٨)، ك/الوضوء، ب/غسل الدم، وبرقم (٣٠٦)، ك/الحيض، ب/الاستحاضة، وبرقم (٣٢٠)، ك/الحيض، ب/إقبال المحيض وإدباره، ومسلمٌ (٣٣٣)، ك/الحيض، ب/المُسْتَحَاضَة وغَسْلِهَا وصَلَاتِهَا.
(٦) أخرجه مالك في "الموطأ" حديث رقم (١٠٧).