واختلف قوله في تسميتهما فرضاً مع قولنا بوجوبهما على روايتين (٢)؛ أحداهما: يسميان فرضاً، والثانية: يسميان سنة مؤكدة.
وسواء تركهما عامداً أو ساهياً فإن الطهارة باطلة.
فإن تركهما حتى فرغ من الطهارة فهل يعيد غسلهما حسب، أم يعيد جميع الوضوء على روايتين (٣)؛ أحدهما: يعيد جميع الوضوء اعتباراً بالترتيب، والثانية: يعيد غسلهما فقط؛ لأن الترتيب يجب في أعضاء ثبت فيها بالنص، ووجوبهما مختلف فيه فجاز له العدول به.
فأما داخل العين فهل يجب غسلهما؛ فقال أصحابنا: فيهما روايتان (٤)؛ إحدهما: يجب، والثانية: لا يجب، وهو أصح (٥)؛ لأنه يشق إيصال الماء إليه، وإنما يستحب غسلهما في غسل الجنابة، هذا هو المنصوص عن أحمد في مواضع.
ومأخذ المسألة: أن الفم والأنف لهما حكم الظاهر من كل وجه، وعند الشافعي لهما حكم الباطن من كل وجه (٦)، وعند أبي حنيفة لهما
(١) مذهبه فيما وقفت عليه: أن المضمضة والاستنشاق مسنونتان في الجنابة، أما الوضوء فيجب الاستنشاق دون المضمضة. [ينظر: المحلى ١/ ١٩٥، الاستذكار ١/ ١٣]. (٢) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٧٠، الإنصاف ١/ ١٥٣. (٣) ينظر: مسائل الأمام أحمد رواية أبي داود ص ١٣، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح ص ٢٩٢، شرح الزركشي ١/ ١٨٧. (٤) ينظر: زاد المسافر ٢/ ٣٤، الإنصاف ١/ ١٥٥، كشّاف القناع ١/ ٩٦. (٥) اختار المصنّف الرواية الثانية، كما اختارها القاضي أبو يعلى في الخلاف الصغير ص ٢٥. (٦) المجموع ١/ ٣٦٤.