فدل أنه تابع للصلاة، فلم تجب فيه التسمية كما قلنا في ستر العورة، واستقبال القبلة.
ومنهم من تعلق بطريقة أخرى، فقال: أجمعنا على/ أنه إذا ترك التسمية ناسياً صح الوضوء، ولو كانت التسمية واجبة لم تسقط بالنسيان، لأن التسمية شرط في الوضوء، وما جعل شرطاً لم يتصور ثبوته من غير شرطه، وهذا لأن النسيان ليس بعذر في المأمور بحال.
ومنهم من تعلق بطريقة أخرى، فقال: أجمعنا على أن الأخرس يصح وضوءه، ولم توجد التسمية منه، ولا يجوز أن يحال الجواب على علة عذر الخرس، لأنه [من لا](١) يمكنه أن يوضئ نفسه لعلة، أو لقطع اليدين فإنه يأمر غيره أن يوضأه، ولا يسقط عنه لهذا العذر، وكذلك قلتم في الأمي الذي يجد قارئاً يقتدي به، فترك الاقتداء به، وصلى منفرداً: لا يجوز؛ لأنه يمكنه أن يجعل صلاته صلاة بقراءة من هذا الوجه، ولم يعذر بالعجز، كذلك هاهنا.
وقد تعلقوا ـ أيضاً ـ من حيث الحكم: بغسل الذميّة إذا كانت تحت المسلم عن الحيض والجنابة، فإنه صحيح حتى يستبيح وطأها به، ولو أسلمت استباحت الصلاة بهذا الوضوء وإن لم توجد فيه تسمية معتبرة، دل على أن التسمية غير شرط لصحة الغسل.
وكذلك ـ أيضاً ـ تعلقوا بغسل الميت: فإنه لا يعتبر فيه التسمية، وكذلك في غسل الحي، وهذا لأنه لا فرق عندكم بين الغسلين، ولهذا اختص بالماء وافتقر إلى النية، فلما لم تجب فيه التسمية دل على عدم وجوبها في حق الحي، وبل أولى من قبل أن غسل الميت آكد، ولهذا لو اجتمع حي وميت، ووجد من الماء ما يكفي أحدهما قدم الميت، ولأنه آخر زاده من الدنيا فيجب أن يكون على أكمل الأحوال.
(١) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم الكلام.