ولأن ما لا يقبل إقرار السيد به على عبده، وجب أن يقبل فيه من إقرار العبد به على نفسه، كالسرقة، وقطع الطرق، ولأن هنا إقرارَ العبدِ بإباحة دمه، والدم لا ملك للسيد فيه، ولهذا لو أباح رجلاً قتله لم يجز له قتله، ولو قتله بنفسه وجبت عليه/ الكفارة، وكان آثماً، وإذا كان دم العبد لا يملكه السيد كان الإقرار من العبد على نفسه، وذلك جائز، ولأنه قد ثبت لهذا الإقرار حكم، ولهذا يقتل به بعد العتق، وإذا كان قد ثبت موجبه ينبغي أن يستوفى في الحال فلا يجوز تأخيره.
الجواب:
أن القاضي سلّم الإقرار بالسرقة، وبقطع الطرق، وفرَّق بين النفس والطرف بأن قال: السرقة حق الله ـ تعالى ـ لا تسقط بالإسقاط؛ فتأكد حكمها، والقصاص حق الآدمي يسقط بإسقاطه؛ فخفّ حكمه.
قال: وعلى أن ما دون النفس آكد في الثبوت من النفس بدليل حقوق الله ـ تعالى ـ يستوفى فيها ما دون النفس، وهو قطع الطرق في السرقة، ولا تستوفى النفس في الزنا، فالعبد ساوى الحر في قطع اليد، ولم يساوه في القتل بالإحصان، فقد اختلف الحر والعبد في القتل لحق الله مع وجود الإسلام فيهما، وتساويا فيما دونهما، فدل هذا على ضعف القتل، وإذا دل على ضعفه جاز أن لا يلزم بالإقرار، ويلزم ما دون النفس بالإقرار لتأكيدها.
قال: ولأن قطع الطرف والسرقة أخف، فجاز أن يستوفى، والنفس آكد، ولهذا تتعلق الكفارة بإهدام البنية دون إبانة الطرف، وكذلك القسامة تستعمل في النفس دون الطرف.
قال: ولأن قطع الطرف في السرقة وفي القصاص لا يعدم جميع البنية، وهاهنا يعدم البنية جميعها.
قال: ولأن القياس يمنع من قبول إقرار العبد في الجملة؛ لأنه إقرار على غيره، وهو السيد، وإقرار الغير على غيره غير مقبول (١).