للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا لو نصب شبكة، ثم مات، فوقع فيها صيد كان له حتى يقضى من ثمنه ديونه وتنفذ وصاياه، وكذلك لو حفر بئراً ثم مات، فتلف فيها إنسان أو مال لزمه، وكانت الغرامة في تركته.

فإن قيل: الدين الذي له ينتقل إلى خليفته وهو الوارث، فينتقل بصفته، بخلاف الدين الذي عليه فإنه لا ينتقل إلى وارثه، فكيف تنتقل صفته إلى الوارث والصفة لا تفارق الموصوف وتقوم بنفسها/ قلنا: الأجل هو حق للميت بذل في مقابلته ماله، وحقوقه تنتقل إلى ورثته، ثم لو كان صفة للدين لثبت لمن يثبت له الدين، والأجل يثبت على من له الدين، فدلّ على أنه ليس بصفة له، وإنما هو حق شرعي للموروث كسائر حقوقه.

ثم يبطل ما ذكرتم بالخيار؛ فإنه صفة للموروث وينتقل عندكم إلى الوارث، وإن كان الموروث لا ينتقل إلى الوارث، وكذلك منافع الدار المؤجرة والموصى بها صفة للدار، ثم تنتقل المنافع إلى الموصى له والمستأجر دون انتقال الدار، وكذلك حد القذف ينتقل عندهم إلى الوارث، وهم أدحض للعار عن الموروث، وقد هلك الموروث.

فإن قيل: الموت يخرب الذمة خراباً لا يرجى، بخلاف الأصول التي قستم عليها، فإنها لا تخرب الذمة، فافترقا من هذا الوجه.

قلنا: لا نُسلِّم خرابها، ولهذا بيَّنَّا أنه يصح ضمان دين الميت، وهو انضمام ذمة إلى ذمة، وقد وافق أبو حنيفة صحة الضمان عليه إذا خلف وفاء (١)، وعندنا وعند الشافعي يصح ذلك على الإطلاق (٢)، وقد بينا تجدد الحق عليه، فسقط هذا.

طريقة أخرى: أن الأجل يأخذ قسطاً من الثمن، بدليل العرف الجاري، أن من باع شيئاً بدرهم نقداً لا يبيعه بأجل سنة بذلك الدرهم، وكذلك من اشترى شيئاً بدينار فقد يشتري مثله إلى أجل بدينارين،


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٦/ ٦، حاشية ابن عابدين ٥/ ٣١٢.
(٢) ينظر للشافعيّة: الحاوي الكبير ٦/ ٤٥٤، المهذب ١/ ٤٤٧. وللحنابلة: الهداية ١/ ١٥٦، كشاف القناع ٣/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>