للذي اشتراني:/ ما تصنع به؟ فقال: أعتقه، فقالوا: لست بأرغب منّا في الأجر، فأعتقوني (١).
قلنا: لا نعلم أن بيع الأحرار كان جائزاً في وقت من أوقات الإسلام بحال، فمن ادعاه يحتاج إلى إثباته.
أما قوله: أعتقوني، معناه: أعتقوني عن الاستخدام، ولهذا أشار إلى أن الجماعة أعتقوه، وإنما اشتراه واحد، فثبت أن كل واحد علم أنه يدفع إليه ليستخدمه، فعتقه الجميع من الخدمة.
فإن قيل: قد أجمعنا على الإضمار، [فإنكم](٢) تضمرون باع منافعه، ونحن نضمر باع أمواله، وليس إضماركم بأولى من إضمارنا.
قلنا: قوله في الحديث: «فلم يصب لي مالا؛ فباعني»، يبطل إضمار المال، وبقي إضمار المنافع، والمراد بالعتق التخلية والإطلاق.
والفقه في المسألة: أنه قادر على قضاء دينه ببيع مملوكه المعد للاكتساب في الشرع والعرف فأجبر على بيعه لقضاء ديونه، دليله سائر أمواله، وهذا صحيح؛ فإن منافعه مملوكة له يعاوض عليها، ويعيرها،
(١) أخرجه الدارقطني، كتاب البيوع ٤/ ٢٠، ح ٣٠٢٧، والبيهقي في الكبير، كتاب التفليس، باب ما جاء في بيع الحر المفلس في دينه ٦/ ٨٣، ح ١١٢٧٥ من طريق محمد بن إسحاق بن خزيمة، نا بندار، نا عبد الصمد بن عبد الوارث، نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، نا يزيد بن أسلم، قال: رأيت شيخا بالإسكندرية يقال له سرق، فقلت: ما هذا الاسم؟، فقال: اسمٌ سمَّانيه رسول الله ﷺ ولن أدعَه، قلت: لم سماك؟، قال: قدمت المدينة فأخبرتهم أن مالي يقدم فباعوني فاستهلكت أموالهم، فأتوا بي إلى رسول الله ﷺ فقال لي: «أنت سرق»، وباعني بأربعة أبعرة، فقال الغرماء للذي اشتراني: ما تصنع به؟ قال: أعتقه، قالوا: فلسنا بأزهد منك في الأجر، فأعتقوني بينهم، وبقي اسمي. قال الذهبي: أخرجه الدارقطني عن الثقة، عن ابن خزيمة، عن بندار، عنه. [ينظر: تنقيح التحقيق ٢/ ١١٠]. (٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (فإنه لم)، وما أثبته هو الموافق للسياق.