للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس فيه أكثر من النية ومع ذلك/ منع من الترخص، وانتحى السفر حتى صار الشخص كأنه مقيم غير مسافر عندنا (١) وعند الشافعي (٢).

فإن قيل: عقد الإجارة على الزنا واللواط عقد على نفس المعصية، فوِزَانه الاستئجار على عمل في الخمر مثل الإسقاء والتصفية والترويق وغير ذلك، فأما العقد على العنب فوزانه العقد على رقبة العبد اللواط، فيكون البيع على الرقبة صحيحاً؛ لكونها مالاً، وذِكْرُ اللواط ساقطٌ.

قلنا: فالعصر يقع فيها، وهو عمل في مال، والذي يجري فيه مال، وقد لعنه النبي ـ صلَّى الله عليه ـ وسوى بينه وبين شاربها في الذمّ، وإن كان العاصر يلابسها وهي مال، والشارب يشربها وليست مالاً.

فإن قيل: أما إجارة الجارية للغناء وبيع السلاح في الفتنة لا نسلمه وهو كمسألتنا.

قلنا: هذا المنع غير معروف، ثم يدل عليه بما روى أبو أمامة أن النبي نهى عن بيع المغنيات، وقال: «لا يحلّ بيع المُغنِّيات، ولا شراؤهنّ، ولا أثمانهنّ، ولا كسبهنّ» (٣).

وكذلك نهى ـ صلَّى الله عليه ـ عن بيع السلاح في الفتنة (٤)،


(١) ينظر: المستوعب ٢/ ٣٨٦، الإنصاف ٢/ ٣١٦.
(٢) ينظر: الاصطلام ١/ ٣١٣، روضة الطالبين ١/ ٣٨٨.
(٣) أخرجه ابن ماجه، كتاب التجارات، باب ما لا يحل بيعه ٢/ ٧٣٣، ح ٢١٦٨ من طريق أبو جعفر الرازي، عن عاصم، عن أبي المهلب، عن عبيد الله الإفريقي، عن أبي أمامة، قال: نهى رسول الله عن بيع المغنيات، وعن شرائهن، وعن كسبهن، وعن أكل أثمانهن. وفيه أبو المهلب: واسمه مطرح بن يزيد الكوفي، وهو ضعيف، والأفريقي هو عبيد الله بن زحر، قال الدارقطني: عبيد الله بن زحر لم يسمعه من القاسم؛ بينهما: علي بن يزيد، وهو إسناد ضعيف. [ينظر: علل الدارقطني ١٢/ ٢٦٧].
(٤) أخرجه البزار ٩/ ٦٣، ح ٣٥٨٩، والطبراني في الكبير ١٨/ ١٣٦، ح ٢٨٦، والبيهقي في الكبير، كتاب البيوع، باب كراهية بيع العصير ممن يعصر الخمر والسيف ممن يعصي الله به ٥/ ٥٣٥، ح ١٠٧٨١ من طريق بحر بن كنيز، عن عبد الله اللقيطي، عن أبي رجاء، عن عمران بن حصين أن النبي نهى عن بيع السلاح في الفتنة. قال البزار: هذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن النبي إلا عمران بن حصين، وعبد الله اللقيطي ليس بالمعروف، وبحر بن كنيز لم يكن بالقوي، ولكن ما نحفظه عن رسول الله إلا من هذا الوجه، فلم نجد بُداً من إخراجه، وقد رواه سلم بن زرير، عن أبي رجاء، عن عمران موقوفاً، وقال البيهقي: بحر السقاء ضعيف لا يحتج به، وقال الهيثمي: فيه بحر بن كنيز السقاء، وهو متروك، وقال ابن حجر: رواه ابن عدي والبزار والبيهقي مرفوعاً وهو ضعيف، والصواب وقفه. [ينظر: مجمع الزوائد ٤/ ٨٧، التلخيص الحبير ٣/ ٤٦].

<<  <   >  >>