بإسناده عن عبد الله بن بريدة (١)، عن أبيه قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «من حَبَسَ العنب أيام القِطاف حتى يبيعَه من يهودي أو نصراني أو ممن يتَخذُه خمراً فقد تقحّم النار بصيرة»(٢)، وهذا وعيد يقتضي التحريم؛ فاقتضى الفساد.
والفقه فيه: أنه عقد على عين تستعمل في معصية، فأشبه إذا عقد على العبد اللواط والجارية للزنا.
أو نقول: عقد على معصية فلم يصح، كما لو أجّر الجارية للغناء، أو باع السلاح في الفتنة.
فإن قيل: العصر والعنب ليسا بصالحين للمعصية، وإنما نوى أن يجعلهما آلة لذلك، بخلاف الزنا في الأمة، واللواط في الغلام؛ لأنهما مهيئان لذلك.
قلنا: هو [مهيأ](٣) لجعله آلة للمعصية، ولأن السفر يقطع الطريق
(١) عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي الحافظ، الإمام، شيخ مروٍ وقاضيها، أبو سهل الأسلمي، المروزي، كان من أوعية العلم، حدَّث عنه: ابناه؛ صخر وسهل، ومطر الوراق، ومحارب بن دثار، والشعبي، وقتادة، وغيرهم. مات سنة ١١٥ هـ. [ينظر: الثقات لابن حبان ٥/ ١٦، سير أعلام النبلاء ٥/ ٥٠]. (٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ٥/ ٢٩٤، ح ٥٣٥٦ من طريق أحمد بن منصور المروزي قال: نا عبد الكريم بن أبي عبد الكريم، عن الحسن بن مسلم، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: «من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يتخذه خمراً فقد تقحّم النار على بصيرة»، قال ابن حبان: هذا حديث لا أصل له عن حسين بن واقد، وما رواه ثقة والحسن بن مسلم هذا راويه يجب أن يعدل به عن سنن العدول إلى المجروحين برواية هذا الخبر المنكر، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن بريدة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: أحمد بن منصور المروزي، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الكريم بن عبد الكريم؛ قال أبو حاتم: حديثه يدل على الكذب. [ينظر: المجروحين لابن حبان ١/ ٢٣٦، مجمع الزوائد ٤/ ٩٠]. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (منهي)، وما أثبته هو الموافق للسياق.