لو باعهما صح، ولو استأجره على عمل الصبغ في الثوب صح، وكذلك النسخ، فإذا جمعا يجوز ذلك في العقد، وكذلك لو استأجرها لمجرد الرضاع صح، ولو باعت اللبن صح، بل هما يدخلان في العقد، وكذلك إذا باعه ثوباً وعبداً أو شقصاً (١) وسيفاً.
فإن قيل: المعنى في الأصل أن مقصوده العمل، وهو النسخ والصبغ، وتدخل العين تبعا كما في البئر في الدار المؤجرة بخلاف مسألتنا؛ فإن العين مقصودة، وعمله فيها مقصود، وهما عقدان في الحقيقة بيع وإجارة بعوض واحد، فيفضي إلى جهالة العوض.
قلنا: لا فرق بينهما/ فإن النثل مقصود، والصبغ مقصود، وكذلك النسخ والحبر، وعلى أنه إذا باع ثوباً وعبداً كل واحد منهما مقصود وثمن كل واحد مجهول في الحال، ويصح العقد، ولأن هاهنا الثوب هو المقصود والخياطة تبع، وكذلك حذو النعل، فإنه اشترى منه قميصاً ونعلاً فيجب أن يصح.
احتجوا:
بأن النبي ﵇ نهى عن بيع وشرط (٢)، وبنهيه ﵇ عن بيعين في بيع (٣)، وهذا موجود في مسألتنا.
(١) الشِّقْصُ: طائفة من الشيء، تقول: أعطيته شَقْصاً من ماله، والمِشقَصُ: سهم له نصل عريض لرمي الوحش. [ينظر: كتاب العين للفراهيدي ٥/ ٣٣]. (٢) أخرجه الطبراني في الأوسط، ٤/ ٣٣٥، ح ٤٣٦١ من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي ﷺ نهى عن بيع وشرط، البيع باطل، والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى، فأخبرته، فقال: لا أدري ما قالا. قال ابن تيمية: هذا حديث باطل ليس في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروى في حكاية منقطعة، وقال ـ أيضاً ـ: قد ذكره جماعة من المصنفين في الفقه ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث، وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء، وذكروا أنه لا يعرف وأن الأحاديث الصحيحة تعارضه. قال ابن حجر: حديث النهي عن بيع وشرط في إسناده مقال، وهو قابل للتأويل. [ينظر: مجموع الفتاوى ١٨/ ٦٣، ٢٩/ ١٣٢، فتح الباري ٥/ ٣١٥]. (٣) أخرجه الترمذي، أبواب البيوع، باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة ٣/ ٥٢٥، ح ١٢٣١، والنسائي، كتاب البيوع، باب بيعتين في بيعة، وهو أن يقول: أبيعك هذه السلعة بمائة درهم نقداً، وبمائتي درهم نسيئة ٧/ ٢٩٥، ح ٤٦٣٢ من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن بيعتين في بيعة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.