فقد ثبت جواز الشرط منهم في فنون من المنافع شتى، ولم يختلفوا فيه؛ فوجب المصير إليه.
والفقه في المسألة: أنه شرط لا ينافي البيع؛ فصحَّ، دليله إذا شرط أجلاً معلوماً أو خياراً معلوماً، أو باع بشرط العتق على الشافعي (١)، أو اشترى [منه](٢) فلعة على أن يحذوها له، أو حطباً على أن يحمله، سلمه أبو حنيفة (٣).
وإنما قلنا: لا ينافي؛ لأن مثل هذه المدة قد تجب بمطلق البيع، ولهذا لو باع داراً له فيها متاع لا يمكنه نقله إلا في أيام قلنا: يجب على المشتري أن يتركه لينقل المتاع على ما تيسر له وجرت العادة بمثله، وكذلك لو باعه ثمراً بعد بدو صلاحها بشرط التبقية فله تركها على رؤوس النخل/ إلى حين الجداد، وكذلك له أن يحبس المبيع على قبض الثمن، وجميع ذلك تأخير عن التسليم في البيع عن العقد والانتفاع بالبيع مدة، فإذا شرطها المشتري فقد شرط الملائم؛ فلم يفسد بل أولى؛ لأنه إذا جاز أن يستثنى حكماً جاز استثناؤه شرطاً؛ كالخيار لما ثبت حكماً في المجلس ثبت شرطاً في مدة الثلاث عندنا وعند الشافعي (٤)، وكذلك العتق لما ثبت حكماً في عتق الرحم ثبت شرطاً.
فإن قيل: لا نُسلِّم أنه لا ينافي العقد بل هو مناف، أما ما استشهدتم به من المسائل، فالمعنى فيها أن الشرع ورد بذلك مرفقاً في العقد، يستدرك به الظلامة، بخلاف مسألتنا.
قلنا: قد دللنا على أنه غير مناف بثبوت مثله من المسائل، فأما اعتذارهم عنها بأن تم لاستدراك الظلامة فنقول: وأي استدراك في شرط الأجل، أو شرط حذو النعل وما أشبهه، ثم في مسألتنا أثبتها الشرع مرفقاً وتيسيراً ولا فرق بينهما.
(١) ينظر: المجموع ٩/ ٣٤٦، روضة الطالبين ٣/ ٤٠٢. (٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (من)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٣) تقدّم توثيقه في صدر المسألة. (٤) تقدّم توثيقه.