للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن البيع إثبات الملك، وإثبات الملك لا يستدعي غير أهليّة الإثبات من المثبت، ووجود محل الإثبات، وقد وجد في مسألتنا كلاهما.

واعتمادهم في المسألة: على أن اليد [ركن] (١) في بيع الأعيان، فإذا لم توجد لا حقيقة ولا حكماً لم يجز.

قالوا: والدليل على أن اليد ركن، أنّ البيع تصرف في محلّ، فلا بدّ من التمكُّن من المحل ليتصرف فيه، والتمكن باليد، مع عدم التمكن لا يتصور تصرفاً، فإذا فاتت اليد في مسألتنا فات التمكن، وإذا فات التمكن بطل التصرف، وحرفهم أن التصرف في المحل من غير مكنة له في المحل محالٌ غير معقول.

ونحن نقول: المطلق للتصرف هو الملك على ما سبق، والدليل على أن اليد غير مشروطة في التصرف مسائل منها التصرف في الدين؛ فإنه جائز ولا يد فيه، وهذه المسألة معتمدة، ومنها التصرفات/ في الأثمان والمهور جائز قبل القبض، وكذلك الموروث والموصى به والمغصوب والمقبوض على وجه السوم وأمثال هذا.

وأما تعلقهم بالتمكن.

قلنا: قد تمكن شرعاً بالملك من المحل، ولا يطلب تمكن سواه؛ ولأن التمكن باليد إنما يعتبر ليمكنه التسليم إلى المشتري، وفي مسألتنا قد تمكن من التسليم إلى المشتري؛ لأن المسألة مصورة في مثل هذا الموضع، وهو أن يكون المشتري متمكناً من قبضه من البائع وتسليمه إلى المشتري.

ومنهم من ادعى النقصان في الملك، وهو ليس بصحيح؛ لأن اليد ثمرة، وبفوات الثمرة لا ينقص الأصل كفوات الثمار من الأشجار لا يوجب نقصان الأشجار.

يُبيّنه أن العقد بالإيجاب والقبول، وقد تم هذا بين المتعاقدين ولزم، ولا يعرف التمام إلا بوجود موجبه ولزومه، فمن ادعى أن العقد مع هذا لا يتم فعليه الدليل، والله أعلم.


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (يكن)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>