للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال : «إذا توضأ العبد تحاتَّت (١) خطاياه في الماء» (٢)، وقوله: «الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما» (٣)، والتكفير عبادة، هذا من حيث النص.

أما من حيث المعنى:

فهو أنا نقول: العبادة عبارة عن فعل يأتي به العبد على قصد التقرب إلى الله تعالى في دار الآخرة، وهذا معنى قد تحقّق في الوضوء.

يدل عليه:/ أن التكاليف إنما وردت على العباد ابتلاء وامتحاناً ليجازوا عليها، والجزاء ينقسم إلى جزاء في الدنيا، وإلى جزاء في الآخرة، والوضوء لا يثبت به الجزاء إلا في الدار الآخرة، ولا يعقل فيه نفع عاجل (٤)، فتمحض (٥) عبادة وقربة وطاعة.

وأما من حيث الحكم:

فإن الشرع ورد بتَكرار الوضوء، ولو كان يعقل له معنى غير التعبد لما أمر بذلك.


(١) الحتّ والإنحات والتَّحات والتَّحَتْحُت: سقوط الورق عن الغصن وغيره، يريد: تساقطت خطاياه. [ينظر: المحكم والمحيط الأعظم ٢/ ٥١٠، النهاية في غريب الحديث والأثر ١/ ٣٣٧].
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة ١/ ٢١٥، ح ٢٤٤ من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: «إذا توضأ العبد المسلم ـ أو المؤمن ـ فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء ـ أو مع آخر قطر الماء ـ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء ـ أو مع آخر قطر الماء ـ، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء ـ أو مع آخر قطر الماء ـ حتى يخرج نقياً من الذنوب».
(٣) لم أقف عليه.
(٤) من فوائد الوضوء في الدنيا: النظافة، وتسكين الغضب، والشهادة للمحافظ عليه بالإيمان.
(٥) المحض: الخالص من كل شيء، وكل شيء أخلصته فقد أمحضته. [ينظر: جمهرة اللغة ١/ ٥٤٧، الصحاح ٤/ ١١٠٤].

<<  <   >  >>