للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فالصلاة أضعف؛ لأنها جمعت فيها الرخصتان التقليل والتقصير، ثم التأخير في باب الجمع، ويصليها مقصورة مجموعة جمعاً وقصراً، والصوم آخذ بإحدى الرخصتين، وهو التأخير فقط دون التقليل والتقصير، فإذا غلب حكم الحضر في الصلاة مع ضعفها، فأولى أن يغلب حكم الحضر في الصوم مع تأكده.

قلنا: لا يجوز دعوى ضعف الصلاة مع تضيق أدائها، في الخوف وشدته، ومع التزام إتمامها بالنية، ومتابعة الإمام المقيم، وإيجاب القتل على تاركها، وإبطالها بمبطلاتها عمداً، وسهواً بخلاف الصوم.

وأما قولهم: بأن طلوع الفجر سبب لانحتام الصوم.

قلنا: الانحتام (١) مراعى، فإن وجد الصوم ولم يوجد السفر تبينا أنه قد انحتم، وإن سافر تبينا أنه ما انحتم.

الثاني: يجوز أن يكون قد انحتم الصيام ويجوز له الفطر، كما لو طرأ المرض؛ فإن الانحتام موجود ويجوز الفطر، وكذلك الصلاة إذا دخل فيها وهو صحيح تعين عليه القيام فيها/ فلو مرض جاز له الصلاة جالساً.

وأما قولهم: لو وطئ وجبت عليه الكفارة.

قلنا: لا يخلو إما أن يطأ وهو مقيم، فهناك ما وجب ما يزيل الانحتام، وإن وطئ وهو مسافر ـ وقلنا: يجوز له الفطر ـ لم تجب الكفارة، على أنه باطل بما إذا وطئ ثم مرض؛ فإن الكفارة تجب عليه عندنا (٢)، وعند الشافعي (٣) ـ وإن كان قد جاز له الإفطار ـ.


(١) انْحَتَمَ الأمر وتحتم: وجب وجوباً لا يمكن إسقاطه، وكانت العرب تسمي الغراب حاتماً؛ لأنه يحتم بالفراق على زعمهم، أي يوجبه بنعاقه، وهو من الطيرة ونُهِيَ عنه. [ينظر: المصباح المنير ١/ ١٢٠].
(٢) ينظر: الإنصاف ٣/ ٣٢٠، الفروع ٣/ ٨٠.
(٣) ينظر: روضة الطالبين ٢/ ٣٧٩، المجموع ٦/ ٣٥٣.

<<  <   >  >>