للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان في دوامه مخيَّراً بين الإتمام و (١) الخروج، كما لو كان مخيراً قبل أن ينويه، وشرع فيه، وهذا إنما يجيء على الشافعي.

فأما أبو حنيفة فلا يُسلِّمه؛ لأن الشروع عنده في صوم النفل منع الخروج بصوم رمضان (٢)، وأجاب عن المسح على الخفين على التسليم، فقال: الفرق بينهما أن السفر يؤثر في مقداره، كما يؤثر في مقدار الصلاة، وهو من شروط الصلاة، وأسبابها، والصوم إنما يؤثر العذر في تأخيره، لا في تقصيره وتعليله، فألحقنا المسح بالصلاة لشبهه بها، وتعلقه عليها، واقتطعنا الصوم عنها (٣).

فإن قيل:/ بل الصوم آكد؛ لأن العذر لم يؤثر في تنقيصه وتقصيره، وإنما غاية ما أثر في تأخيره وتأجيله.

قلنا: الرخصة إنما وقعت بحسب الحاجة، وحاجة المسافر إلى تقصير الصلاة، لا إلى أصل تركها؛ لأنها لا تطول، وقد قصر فعلها، فسهلت جدّاً، ليس كذلك الصوم؛ فإنه إنما يترخص به إذا أخر؛ لأن زمان السفر ليس فيه الصوم لكونه مُضعِفاً للقوى مُنْهِكاً للأبدان التي هي مورد التعب والشقاء الحاصل بالشد والترحال، فإذا غلب حكم الحضر في الصلاة مع ضعفها، فأولى أن يغلب حكم الحضر في الصوم مع تأكده.


(١) بهذا المكان في الأصل: (هي)، وبحذفه يستقيم السياق.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٧٧.
(٣) ينظر: المبسوط ١/ ١٠٤، الجوهرة النيرة ١/ ٢٨.

<<  <   >  >>