أن رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان، وصام وصمنا معه حتى بلغ كُراع الغميم (١)، فقيل: إنّ الناس قد شق عليهم، وإنما ينظرون ما تفعل، فدعا بقدح من ماء بعد العصر، وشرب والناس ينظرون إليه، فأفطر الناس. وهذا نصٌّ، وقد أخرجه أبو عيسى، وأبو عبد الرحمن، وابن خزيمة (٢)، والسالحيني (٣).
وروى البخاري، ومسلم بإسنادهما (٤)، عن ابن عباس، أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ خرج عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ الكَدِيد (٥)، أفطر وأفطر الناس معه، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ. وهو نصٌّ ـ أيضاً ـ.
(١) موضع بالحجاز بين مكة والمدينة، أمام عسفان بثمانية أميال. [ينظر: مراصد الاطلاع ٣/ ١١٥٣]. (٢) أخرجه الترمذي، أبواب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر ٣/ ٨٠، ح ٧١٠، والنسائي، كتاب الجنائز، باب ذكر اسم الرجل ٤/ ١٧٧، ح ٢٢٦٣، وابن خزيمة في الصحيح، كتاب الصيام، باب ذكر خبر روي عن النبي ﷺ في تسمية الصوم في السفر عصاة ٣/ ٢٥٥، ح ٢٠١٩، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. والحديث عند مسلم. (٣) يحيى بن إسحاق، أبو زكريا البجلي السيلحيني، من أهل السيلحين ـ قرية بقرب بغداد ـ، رحل إلى مصر، وسمع بدمشق سعيد بن عبد العزيز، وبمصر ابن لهيعة والليثَ بْنَ سعد ويحيى بن أيوب، وبالعراق حماد بن سلمة، وغيرهم، وكان ثقةً حافظاً لحديثه، عن الدارمي قال: سألت يحيى بن معين، قلت: فالسالحيني ما حاله؟ فقال: صدوق المسكين. مات سنة ٢١٠ هـ. [ينظر: تاريخ بغداد ١٦/ ٢٣٤، تاريخ دمشق لابن عساكر ٦٤/ ٥٥]. (٤) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر ٣/ ٣٤، ح ١٩٤٤، ومسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر ٢/ ٧٨٤، ح ١١٣. (٥) الكَدِيد: عينٌ بين عُسْفان وقُدَيد، وهي: موضعٌ بالحجاز بين مكة والمدينة على اثنين وأربعين ميلاً من مكة. [ينظر: مراصد الاطلاع ٣/ ١١٥٢].