للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: إذا تقرر في الشرع أن المتردد بين الحظر والإباحة يغلب الحظر فيه، وإيجاب الترك، وإيجاب الفعل فيما يتردد بين الإيجاب وغيره، فقد بان أن جانب الإيجاب أرجح، وذلك واضح في العقليات؛ فإن الإنسان لا يجوز له اعتقاد الجهالات، بل يجب عليه نفيها عنه جهده، لكن متى تردد الأمر بين المضرة والسلامة في سلوك طريق، أو تناول/ طعام، أو شراب كان الترك في العقل هو الموجب للاحتراز، والاحتياط، ولا يقبح التحرز من حيث كان اعتقاد جهالة؛ لأنه ما اعتقد إثبات الضرر، لكن احترز من وقوع الضرر لتجويزه، وكما أن دفع الجهل واجب، تحرز العاقل من المضر أوجب، فرجح بهذا جانب الأحوط، وبطل ما ذكرتم من التسوية مع التردد، وبأن التسوية حاصلة مع عدم التردد، وإنما نمنع أن نعتقد وجوب ما لم يتردد، أو اعتقاد نفي وجوب ما تحقق وجوبه، ولم يتردد، كالذي يكفر باعتقاده، وأما المتردد فلا يكفر، ولا يفسق باعتقاده وجوبه الاحتياط، فبطل ما قالوه، وصح ما قلنا، والله أعلم.

<<  <   >  >>