فنقول لكم في قصور الملك الذي لا يملك التبرع ما قلنا لكم في قصور الشخص؛ فإن قصور الشخص لم يمنع وجوبها، وكذلك قصور الملك، وهذا للمعنى، وذلك أنه لم يعتبر لها عندنا كمال المال، وهو النصاب (١)، ولم يعتبر تعلقها بمالٍ مخصوصٍ كما يعتبر في زكاة المال نصاب من نامٍ، أو مرصد للنماء، كالأنعام من بين المواشي والسوائم من بين المعلوفة منها، والمتجر به من العروض، والمحصود من الزروع دون المقتنى للقوت، وهذا التشديد في الشروط يوجب حقه الإيجاب، وكونه مخصوصاً، بل يعتبر لها ما فضل عن القوت، ويتحملها الغير عن الغير، فهي بالنفقة من هذه الوجوه أشبه منها بزكاة المال، ثم النفقة على نفسه من المال الذي في يده، كذلك الفطرة في ماله، ولأن الزكاة لا تجب على الزوج لأجل مال زوجته، وهذه تجب لأجل الزوجية عن زوجته.
واحتج بأن الكتابة عتق على مال، فلا توجب على العبد صدقة الفطر، دليله إذا قال:[إن](٢) أديت لي ألفاً فأنت حر.
الجواب:
أن ذاك نفقته على سيده، وهذا نفقته على نفسه.
الثاني: أن ذاك أخرج السيد عنه، فلم يحتج إلى أن يخرج عن نفسه، وهذا هو الجواب عن قولهم: المكاتب مأذون له في التصرف في المال، فلم تلزمه الفطرة كالعبد المأذون له؛ مع أنه يبطل بالصبي المأذون له في التجارة.
/ واحتج بأن الزكاة حق مال يصرف إلى أهل الطهرة، فلا تجب على المكاتب، دليله الكفارات.
الجواب:
أن الكفارات لا تتحمل بالنسب، فلا تجب على المكاتب، والملك وصدقة الفطر تتحمل بذلك، والله أعلم.
(١) ينظر: الهداية ١/ ٧٥، الإنصاف ٣/ ١٦٤. (٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبتها ليستقيم السياق.