للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «اذهب إليه، فإن لم يعط صدقته فاضرب عنقه» (١)، وهذا نصٌّ في إيجاب القتل بالمنع المجرد عن اعتقاد، والحكم الظاهر المنطوق به إنما يعلق على السبب الظاهر المنطوق به.

وروى أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي في كتاب «الزكاة» (٢) بإسناده، عن أنس بن مالك: أن العرب بعد رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ قالوا: نصلِّي ولا تغصب أموالنا، يقولون: لا نعطي الزكاة، فقال أبو بكر: لا أفرق بين شيء جمع الله بينه، فقتل، وسبى، وحرق خلالَ البيوتِ، فأتته وفود العرب، فخيرهم بين خصلتين؛ بين حرب مجلية، أو خطة مُخزيةٍ، فاختاروا/ الخطةَ المُخزيةَ، وكانتْ أَهونَ عَليهم، على أن قتلاهم في النار، وقتلى المسلمين في الجنة، وما أصابوا من المسلمين فهو إليهم ردّ، وما أصاب المسلمون منهم فهو لهم، فأقروا بذلك صَغَرَة، وعرفوا ما أنكروا، ودخلوا من حيث خرجوا (٣).

فإن قيل: أولئك كانوا قد نفوا اعتقادها، فلهذا قتلهم.

قلنا: لو كان كذلك كانوا كفاراً، ولو كانوا كفاراً لما رده عمر عن قتالهم، ولا عارضه فيهم؛ إذ لا يجوز لعمر إقرار المرتدين على الردة، وكفّ أبي بكر عن العقوبة الواجبة عليهم.


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات، الطبقة الرابعة من الصحابة ص ٥٨٤، ح ٢٦٨، والبغوي في معجم الصحابة ٤/ ٤٨١، ح ١٩٤٠، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ٤/ ١٨٦٢، ح ٤٦٨٩، ٤٦٩٠، وابن حزم في المحلى ١٢/ ٢٩٠ من طريق الواقدي، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن فاطمة بنت خشاف، به، قال ابن حزم: هذا حديث موضوع، مملوء آفات من مجهولين، ومتهمين.
(٢) لم أقف على من ذكره.
(٣) أخرجه أبو طاهر المخلص ٢/ ٣٢٨، ح ١٦٥٥ من طريق شيبان النحوي، عن قتادة، عن أنس، وأخرجه الطبري في التفسير ٨/ ٥٢٠، والبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، جماع أبواب الرعاة، باب ما جاء في قتال الضرب الثاني من أهل الردة بعد رسول الله ٨/ ٣٠٨، ح ١٦٧٣٦، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، ليس فيه أنس، وكذا أخرجه ابن عساكر ٣٠/ ٣١٩ من طريق عيسى بن عبد الله التميمي، عن قتادة.

<<  <   >  >>