والشافعي (١)، فكذلك مانع الزكاة، وهذا الاستدلال من الآية صحيحٌ؛ لأن أبا بكر الصديق ـ كرّم الله وجهه ـ (٢) قال: لا أفرق بين ما جمع الله (٣)، فاستدل على قتلهم بمنع الزكاة؛ لأنها قرينة الصلاة.
فإن قيل:/ هذا استدلالٌ بالقرائن، وليس بحجةٌ؛ لأن القرينة قد يخالف حكمها حكم ما قرنت به، والدليل عليه قوله ـ تعالى ـ: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ﴾ (٤)، فالأكل ليس بواجبٍ، والإيتاء في الزكاة واجب، وكذلك قوله ﵇: «حُتِّيه (٥) ثم اقْرُصِيه (٦) ثم اغسليه بالماء» (٧)، فالغسل بالماء واجب، والحَتّ والقَرْص ليس بواجبٍ.
(١) ينظر: الأم ١/ ٢٥٥، روضة الطالبين ٢/ ١٤١. (٢) ذكر المصنّف ﵀ عبارة: (كرّم الله وجهه) في موضعين؛ الأول: عند ذكر علي ﵁، والثاني: عند ذكر أبي بكر ﵁. وإطلاق هذه العبارة على الصحابة ﵃ لا بأس به، لكن المحذور تخصيص بعض الصحابة بذلك حتى يكون شعاراً له، كما تفعل بعض الطوائف مع أمير المؤمنين عليّ ﵁. [ينظر: معجم المناهي اللفظيّة للشيخ بكر أبو زيد ص ٢١٣، ٢٧١]. (٣) تقدم تخريجه. (٤) الأنعَام: ١٤١. (٥) الحَتُّ: فرك الشيء اليابس عن الثوب ونحوه، والحك، والحت، والقَشْر سواء. [ينظر: تهذيب اللغة ٣/ ٢٧٢، المحكم والمحيط الأعظم ٢/ ٥١٠، النهاية ١/ ٣٣٧]. (٦) القَرْص: الدلك بأطراف الأصابع والأظفار، مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره. [ينظر: النهاية ٤/ ٤٠]. (٧) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها ١/ ٩٩، ح ٣٦٢، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب ١/ ٢٥٤، ح ١٣٨، والنسائي، كتاب الطهارة، باب دم الحيض يصيب الثوب ١/ ١٥٥، ح ٢٩٣ من طريق هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، أن امرأة استفتت النبي ﷺ عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال: «حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم انضحيه ـ وعند الترمذي: رشيه ـ وصلي فيه» وقال الترمذي: حسن صحيح، والحديث عند البخاري، كتاب الوضوء، باب غسل الدم ١/ ٥٥، ح ٢٢٧، ومسلم، كتاب الطهارة ١/ ٢٤٠، ح ٢٩١ من طريق يحيى بن سعيد، عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء، قالت: جاءت امرأة النبي ﷺ فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب، كيف تصنع؟ قال: «تحته، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه».