للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتج بعضهم بأنه لو كانت الزكاة تجب مع انتقال الملك عن المال الزكاتي إلى غيره، مثل إن باع غنماً بحميرٍ، أو بغالٍ، أن تجب الزكاة في الحول الأول، فمن قولكم كذا نقول، فنقول لكم: فالحول الثاني يلزم أن يكون كذلك؛ لأنه يستديم لملكٍ أقمته مقام الغنم في إيجاب شاةٍ، فأوجبها أحوالاً كثيرة، كما لو كانت باقيةً، فإما أن توجبها [حولاً] (١)، وتسقطها في الثاني، فلا وجه لذلك؛ لأنه كما قصد الإسقاط بالابتداء، فبالدوام قصد إسقاط الزكاة في الدوام.

الجواب:

أن الحول الأول تحقق فيه التحيُّل، وأمَّا الثاني، والثالث فلا يتحقق فيه الاختيار؛ لأن العاقل لا يسقط تنمية المال رأساً، ويترك تملك الأعيان حولاً بعد حول لئلا تجب عليه الزكاة، والذريعة/ إنما تحسم فيما يفعل غالباً.

الثاني: أن إيجاب الشاة حصل في الحول الأول عقوبة على نفس الجريمة، ولم يبق في الحول الثاني إلا حكم الجريمة لا عين الجريمة، فهو كمن زنا أو سرق فحددناه، ولم يتب؛ بل أصرَّ على ذلك، لا نكرر الحد عليه، وإن كان حكم الزنا باقياً فسقاً وإثماً.

الثالث: أن الشاة التي وجبت، إن أخرجها فقد حصل النقصان بالتي أخرجها، لا بالتي وهبها، أو أكلها، وإن لم يخرجها فقد نقص النصاب في الحول الثاني بوجوبها في ماله للفقراء، كما لو مضى على عشرين ديناراً حولان وجبت زكاة الحول الأول فقط؛ لنقصان النصاب بزكاة الحول الأول، والله أعلم.


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (قولاً)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>