للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث عمر: «فإذا بلغت خمسة ذَوْد شاة» (١).

وهذا أمرٌ بإخراج الشّاة، والأمر يقتضي الوجوب، ومَن أخرج البعير عن الشاة، فقد خالف أمر الشرع، وقد قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا/ فهو رد» (٢).

فإن قيل: هذا لا حجة فيه؛ لأنه معقول منه أنه فرض تخفيف لا فرض إيجاب، يوضح هذا، وأنه تخفيفٌ أنه أخذ الغنم لما كان المال قليلاً، فلما كثر المال انتقل إلى الجنس.

قلنا: إطلاق الأمر يقتضي الإيجاب، وليس من حيث كان قليلاً وسهلاً يعطي التنبيه على إيجاب ما زاد عليه بالكثرة والصعوبة، بدليل أن الشاة في الأربعين شاة لم يجعل إيجابها تنبيهاً على أن البقرة الواجبة عن أربعين بقرة، والمجزئة في الهدي مجزئة بدلاً عنها، وكذلك لم يدل على أنه يجزئ البعير عن الشاة في أربعين شاة، وهذا يعود إلى معنى، وذلك أنَّا لا نعرف مصالح التعبدات؛ لأنه قد يكون الأكبر الأصعب مفسدة، والأقل والأسهل مصلحة عند الله ـ تعالى ـ، وكذلك في عبادة البدن لا يجزئ السجود عن الركوع، وإن كان أبلغ في الخضوع والخشوع.

والفقه في المسألة: أنَّا نقول: إن المنصوص عليه هو الواجب، فلا يجوز غيره، دليله كل الواجبات في الشرع، والدليل على أن المنصوص عليه هو الواجب أن الواجب [عُلم] (٣) بالشرع، والشرع ورد بالمنصوص عليه، فلا يجب بالنص إلا ما ورد به.


(١) أخرجه الدارقطني، كتاب الزكاة، باب زكاة الإبل والغنم ٣/ ١٧، ح ١٩٨٦، والحاكم ١/ ٥٥٠، ح ١٤٤٤، والبيهقي، كتاب الزكاة، جماع أبواب فرض الإبل السائمة، باب إبانة قوله وفي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة ٤/ ١٥٣، ح ٧٢٥٧ من طريق الزهري، قال الحاكم: صحيح.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (أعلمُ)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>