للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جاز له الاستخلاف في الجمعة، وسقط عنه الخروج إليها كسائر المأمومين، وإنما إذا لم يحضره من يستخلفه لزمه الخروج لأجل غيره، وذلك أن في الناس من لا يحضر العيد لكونها سنة عنده، أو فرضاً على الكفاية.

وغير ممتنع أن يلزم الإنسان لغيره ما لا يلزمه في نفسه، كالمحرم للمرأة يخرج معها في الحج، وفي التغريب لأجلها، لا لأجل نفسه، فهو عقوبة للمرأة أو عبادة، وخروجه حفظاً لها وحياطة، ونفقته عليها، أو على بيت المال في الحدِّ على احتمال في المذهب (١).

وقولهم: فينبغي أن تسقط الجمعة العيد.

قلنا: إن قدم صلاة الجمعة في الوقت الذي نصلي [فيه] (٢) العيد، وصلاها سقط عنه صلاة العيد، ثم كيف يصح هذا منكم؟ وبدخول وقت الجمعة عندكم يخرج وقت صلاة العيد (٣)، فلا يبقى فعل عيد تسقطه الجمعة، على أنا نقول: لِمَ قلتم هذا؟ ونحن نرى الجمعة تسقط الظهر، والظهر لا يسقط الجمعة.

وأما قولهم: إنه يلزمه فرض الجمعة إذا حضرها.

قلنا: يلزم عليه المريض، والمسافر، والعبد، إذا حضروا لزمهم فعل الجمعة، ولا يلزمهم إذا لم يحضروا، وكذلك من لا تلزمه الجمعة من غير أهل المصر، والمعنى في الأصل أنه لا مشقة في حقه، أو أنه لم يأخذ حظَّه من سماع الذكر، والموعظة، والتعب في الطاعة، بخلاف مسألتنا.


(١) ينظر: الإنصاف ١٠/ ١٧٤، المبدع ٩/ ٦٥.
(٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.
(٣) ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٢٧٦، ٢٦٨، الاستذكار ١/ ٢٥٠، ٢٥١، المجموع ٥/ ٤، ٥١١.

<<  <   >  >>