وقد قيل بأنه إغماء فلا يسقط فرض الصلاة، دليله إذا كان بمعصية.
طريقة أخرى تخص أبا حنيفة (١): بأنها صلاة تركها في حال إغمائه، فوجب قضاؤها، دليله صلاة يوم وليلة، ونقول: غيبة عقل تجوز على الأنبياء لا تسقط قضاء الصلوات الخمس، فلا تسقط ما زاد عليها كاليوم، ولأن ما لا يسقط قضاء الصلوات/ إذا لم يزد على اليوم لم يسقط وإن زاد على اليوم، كالنوم، والسكر، وعكسه الجنون، والنفاس.
فإن قيل: القياس يقتضي أن لا يجب القضاء لصلاة يوم، لكن تركناه لفعل الصحابة استحساناً، ولو عللناه فلأنه إذا كان أكثر من يوم وليلة حصلت الصلاة في حد التكرار، فلم يجب القضاء، وليس كذلك إذا كان يوم وليلة، فإن الصلوات المتروكة لم تحصل في حد التكرار، فوجب قضاؤها، وأما السكر فإنما أوجب القضاء لأنه بمعصية، لأنه هو أزال عقل نفسه، فكان متأخراً عن الصلاة بفعله، وعقله كالمبقى عليه لأجل عصيانه، والمعاصي لا تؤثر في الإسقاط، كما لا يؤثر سفر المعصية في الرخص، وكما جعل القريب المقتول كالحي في حق قاتله في حرمان الإرث، والإغماء غير معصية.
قلنا: هذا ممنوع، وكيف نسلّم هذا وقد قربناه من النوم بالوجوه التي قدمنا ذكرها، ولأن فعل الصحابة اختلف على ما روينا، فمن جملته ما زاد على اليوم والليلة فاقتصاركم على صلاة يوم لا وجه له، ولا لتعلقكم بفعل صحابي دون صحابي، ولأن الذي أغمي عليه يوماً اتفق أنه كان إغماؤه يوماً فقضاه، من أين لكم أنه إذا كان إغماؤه أكثر لا يقضيه إذ لم ننقل نحن ذلك عنهم.
وقولكم: إنه يدخل في حد التكرار؛ باطل بالسكر؛ فإنه يجب قضاء ما ترك فيه من الصلوات وإن دخل في حيز التكرار، ويبطل بالصوم؛ فإنه يجب قضاؤه وإن دخل في حيز التكرار، على أنه يجب أن توجب القضاء فيما زاد، وتقتطع الخمس صلوات بإيجاب القضاء، كما اقتطعت زمن العادة من الحيض،
(١) فإنه قد قال ـ كما تمت الإشارة إليه في صدر المسألة ـ: يسقط ما زاد عن يوم وليلة.